التفاسير

< >
عرض

وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ
٤
-الأعراف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } الآية.
{ كَم } في موضع رفع بالابتداء. ويجوز أن تكون في موضع نصب، بإضمار فعل يفسره: { أَهْلَكْنَاهَا }، ولا يقدر إلا بعدها، وهو بمنزلة: أيّهم ضربته.
ومعنى الآية: أنها تحذير للكافرين، أن ينزل بهم من البأس، ما نزل بمن كان قبلهم بتكذيبهم.
ومعنى الكلام: أنه إخبار عن إهلاك القرى، والمراد أهلها؛ لأن القرى إنّما هي / بأهلها، فإذا هلكت هلك أهلها، ودل على ذلك قوله: { أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ }، فرجع إلى الإخبار عن الأهل.
وقيل المعنى: وكم من أهل قرية.
وقوله: { أَهْلَكْنَاهَا }، ثم قال:
{ { جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ } [الأعراف: 5]، إنما معناه أردنا إهلاكها، فجاءها البأس.
وقيل المعنى: { أَهْلَكْنَاهَا } بمنعنا إياها التوفيق إلى الطاعة، فجاءها البأس.
وقيل: إن الهلاك هو البأس بعينه، ففي كل واحد معنى الآخر، وسواء بدأ بالبأس أو بالهلاك، وهو كقولك: "زرتني فأكرمتني"، إذا كانت "الزيارة" هي "الكرامة"، فسواء عليك ما قدمت أو أخرت.
وقيل: الفاء هنا بمعنى الواو فلا يلزم الترتيب.
و { أَوْ } هنا للإباحة.
وكان يجب أن يقول: أَوْ وهم قائلون، إلا أنه إذا كان في الجملة عائد لم يُحْتَج إلى الواو.
وقد قال الفراء: "الواو" محذوفة.
وقال غيره: حذفت "الواو" لئلا تجمع بين حرفي العطف، وهي: "واو الوقت" عند بعض النحويين.
ولو جعل مكان { أَوْ } "الواو" لفسد المعنى؛ لأنه يصير المعنى: أن البأس جاءهم في الليل، وهم قائلون، وهذا لا يمكن؛ لأن القائلة إنما هي نصف النهار، والبيات فعل في الليل.