التفاسير

< >
عرض

لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
٤٨
وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٤٩
-التوبة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: / { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ / لَكَ ٱلأُمُورَ }، إلى قوله: { بِٱلْكَافِرِينَ }.
المعنى: لقد التمس هؤلاء المنافقون لأصحابك، يا محمد، { ٱلْفِتْنَةَ }، أي: خبالهم وصدهم عن دينهم { مِن قَبْلُ }، أي: من قبل أن ينزل عليك أمرهم وكشف سرهم واعتقادهم { وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ }، أي: أجالوا فيك وفي إبطال ما جئت به الرأي { حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ }، أي: نصر الله: { وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ }، أي دينه وهو الإسلام، { وَهُمْ كَارِهُونَ }، لذلك.
ثم أخبر الله عز وجل، عن المنافقين أن منهم من يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: { ٱئْذَن لِّي }، أي: ائذن لي يا محمد، في المُقام ولا أخرج معك، { وَلاَ تَفْتِنِّي }، أي: لا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتهم، فإني بالنساء مغرمٌ، فآثم بذلك.
قال مجاهد: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"اغزوا تبوك، تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم" فقال بعض المنافقين: ائذن لي، ولا تفتني بالنساء.
وقال قتادة معنى: { وَلاَ تَفْتِنِّي }، أي: لا تؤثمني، بالتخلف عنك بغير رأيك، ائذن لي في المُقام.
قال ابن عباس: قال الجد بن قيس للنبي صلى الله عليه وسلم، لما حضّ على غزو الروم: قد علمت الأنصار أنى إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكني أعينك بمالي.
ففي الجد بن قيس نزلت الآية.
وقوله: { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ }.
أي: ألا في الإثم وقعوا، ومنه هربوا في زعمهم.
{ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ }.
أي: مُحدقةٌ بهم، جامعةٌ لهم يوم القيامة.
{ وَلاَ تَفْتِنِّي }: وقف حسن.