التفاسير

< >
عرض

وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٧١
وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٧٢
-التوبة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ }، إلى قوله: { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }.
المعنى: { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ }، أي المصدقون بالله، عز وجل ورسوله عليه السلام { (يَأْمُرُونَ) بِٱلْمَعْرُوفِ }، أي: يأمرون الناس بالإيمان بالله عز وجل، ورسوله عليه السلام.
وينهونهم عن الكفر، والمنافقون [هُمْ] / بضد ذلك، ينهون عن الإيمان، ويأمرون بالمنكر، وهو الكفر بالله، عز وجل، وبرسوله عليه السلام.
قال أبو العالية: كل ما ذكر الله عز وجل، في القرآن من "الأمر بالمعروف" هو دعاء لمن أشرك إلى الإسلام، وما ذكره من "النهي عن المنكر" فهو النهي عن عبادة الأوثان والشياطين.
{ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ }.
يعني: الصلوات الخمس، في أوقاتها وبحدوها.
{ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ }.
يعني: المفروضة في وقتها.
{ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ }.
يعني فيما أمرهم به، ونهاهم عنه.
{ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ [ٱللَّهُ] }.
أي: يتعطف عليهم، فينجيهم من عذابه، ويدخلهم جناته.
ثم قال تعالى: { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ }.
والمعنى: وعد الله النساء والرجال من المؤمنين بساتين. { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } (أبداً).
أي: ماكثين لا يزول نعيمهم ولا ينقطع، { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً }، أي: منازل يسكنونها.
قال الحسن: سألت أبا هريرة وعمران بن حصين عن: { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ }، فقالا: على الخبير سقَطْتَ، سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "قصر في الجنة من لؤلؤة، فيه سبعون داراً من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتاً من زمردة خضراءَ، في كل بيت سبعون سريراً".
ومعنى { جَنَّاتِ عَدْنٍ } عند ابن عباس، أي: "معدن الرجل" الذي يكون فيه.
وقيل المعنى: جنات إقامة وخلود.
والعرب تقول: "عَدَنَ فلانٌ بِمَوْضِعِ كَذَا"، إذا أقام به.
ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
"لا يدخلها إلا النبيّون والصديقون والشهداء" .
وقال كعب: { جَنَّاتِ عَدْنٍ }، هي الكروم والأعناب، السريانية. يعني أن لغة العرب وافقت السريانية في هذا الكلام.
وقال ابن مسعود: { جَنَّاتِ عَدْنٍ }، هي اسم لبُطْنَان الجنة، يعني وسطها.
وقال الحسن: هو اسم لقصر في الجنة من ذهب لا يدخله إلا نبي أو صِدّيقٌ، أو شهيد أو حَكَمٌ عَدْلٌ.
وروى أبو الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
"إن الله عز وجل، يفتح الذكر لثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى [منهن]، ينظر في الكتاب الذي لا ينظره غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت. ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنات عدن، وهي داره التي لم يرها غيره، ولم تخطر على قلب بشر" .
وقال الضحاك: { جَنَّاتِ عَدْنٍ }، مدينة في الجنة، فيها الرسل، والأنبياء، والشهداء، وأئمة الهدى، والناس حولهم بعد، والجنات حولها.
وقال عطاء { عَدْنٍ }: نهر في الجنة جنَّاته على حافتيه.
ثم قال تعالى: { وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ }.
[أي: أكبر] من ذلك كله، رضوان الله عز وجل، عن أهل الجنة.
قال أبو سعيد الخدري: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنَّ الله عز وجل، يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبّيك ربَّنا وسَعْدَيكَ، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى، لقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحداً من خلقك؟ فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك. فيقولون: يا ربّ، وأيُّ شيء أفضل من ذلك، فيقول: أُحِلُّ لكم رضواني فلا أسْخَطُ عليكم أبداً" .
ومن أجل تفضيل الرضوان على ما قبله مما وعدوا به، انقطع الكلام، وابتدأ بالرضوان، فرفع.
ثم قال تعالى: { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }.
أي: هذه الأشياء التي / وعدوا بها، وهي الظفر الجسيم.
{ جَنَّاتِ عَدْنٍ }، وقف.
{ أَكْبَرُ }، وقف.