التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢٤
وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٢٥
-يونس

تفسير الجيلاني

وبالجملة: { إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي: شأنها وحالها العجيبة التي كنتم تعترون بها، وتميلون إليها وتفتخرون بمزخرفاتها ومموهاتها، وأمتعتها وأبنيتها { كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ } واشتبك { بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } أي: ترابها المنبتة للنبات، وحصل من اختلاطها { مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ } من أنواع البقول والحشائش { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا } أي: شرعت لتربيتها { وَٱزَّيَّنَتْ } أي: تزينت بأنوع التزيينات.
{ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ } متمكنون { عَلَيْهَآ } وعلى جمعها وحصادها، وأخذ غلاتها { أَتَاهَآ } بغتة { أَمْرُنَا } بإهلاكها واستئصالها { لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً } قبل صلاحها، بل مقطوعاً من أصلها إلى حيث { كَأَن لَّمْ تَغْنَ } ولم تنبت فيها منها شيء { بِٱلأَمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ } ونمثل { ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [يونس: 24] ويستعملون عقولهم بإدراك الممثل والممثل بهن وبعد تعلقهم وتفكرهم يتنبهون أن الدنيا وحياتها ما هي إلا سراب غدار غرار، وبرق بلا قرار، من اغتر بغرورها هلك عطشى الأكباد، ومن استنار بنوهرا ضل عن طريق الرشاد.
{ وَٱللَّهُ } الهادي لعباده { يَدْعُوۤاْ } جميع عباده؛ إذ أصل فطرتهم وجبلتهم على التوحيد ودين الإسلام { إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } أي: مقر التوحيد الذي من تمكن فيه سلم من جميع الآثام، وسلم أمره إلى العليم العلام، القدوس السلام { وَ } بعد دعوته جميع الأنام { يَهْدِي } ويوفق { مَن يَشَآءُ } من خلَّص عباده { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [يونس: 25] موصل إلى توحيده، وهو دين الإسلام المنزل على خير الأنام تتميماً لحكة التكاليف المنزلة من عنده، وتمييزاً بين أهل الضلال والهداية من عباده، وأصحاب الجنة والنار بطبقاتهم.