التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ
٥
لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ
٦
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ
٧
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ
٨
-التكاثر

تفسير الجيلاني

ثمَّ سجَّل عليهم سبحانه جهلهم وضلالهم بقوله: { كَلاَّ } يعني: ما تتكاثرون وتفتخرون بهذه الزخرفة الفانية أيها الجاهلون المكابرون { لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } [التكاثر: 5] أي: لو علمتم يقيناً عملياً، وصدَّقتم تصديقاً قلبياً أنكم: { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } [التكاثر: 6] لمَّا تكاثرتم وتفاخرتم بما تفاخرتم، وما خطر ببالكم هذه الخوطر الكاذبة، إلاَّ أنكم جاهلون غافلون عن رؤيتها، بل منكرون لها؛ لذلك تفتخرون وتتكاثرون بالحطام الدنية الدنيوية، وتستلذون بلذاتها الفانية، وشهواتها الغير الباقية.
ثمَّ كرر سبحانه أمر الرؤية؛ تهويلاً عليهم وتنصيصاً على وعيدهم، فقال: { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا } أي: الجحيم المعدة لتعذيبكم { عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } [التكاثر: 7] أي: يقيناً عينياً حتى تعاينوا بها، وترون منازلكم فيها.
{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ } أيها الناس الناسون لعهود الحق ومواثيقه { يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } [التكاثر: 8] الفاني الذي يُشغلكم عن الحق ويلهاكم عن طاعته وعبادته، فحينئذٍ ظهر عليكم خطأ آرائكم وفساد أهوائكم التي كنتم عليها في النشأة الأولى.
آتنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
خاتمة السورة
عليك أيها المحمدي المتصف باليقين العلي بعموم المعتقدات الأخروية أن تكون على ذكر منها، بحيث يكون علمك بها عيناً قبل حلولها ونزولها، فعليك ألاَّ تركن إلى الدنيا: مزخرفاتها ونعيمها ولذاتها، وتقنع بالكفاف وتتصف بالعفاف، وتلازم العزلة والخمول والفرار عن أصحاب الفضول، فإن صحبة الأشرار يعوقك عن ملاحظة الأسرار ويمنعك عن مشاهدة الأنوار.
ربنا هب لنا من لدنك جذبة تنجينا من فضول الكلام وتوصلنا إلى دار السلام.