التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ
٤
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ
٥
نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ
٦
ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ
٧
إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ
٨
فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ
٩
-الهمزة

تفسير الجيلاني

ثمَّ قال سبحانه: { كَلاَّ } ردعاً له عن حسبانه واغتراره، وخطأ رأيه وطغيانه؛ يعني: من أين يتأتى ويتيسر له الخلود والدوام فيها؟! والله { لَيُنبَذَنَّ } ويطرحن يوم الجزاء { فِي ٱلْحُطَمَةِ } [الهمزة: 4] أي: النار التي من شأنها أنها تحطم وتكسر وتفني من يطرح فيها.
ثمَّ أبهمها تهويلاً، فقال: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } [الهمزة: 5] المعدة لتعذيبه.
ثمَّ فسرها؛ لكونه أدخل في التهويل والتفظيع بقوله: { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ * ٱلَّتِي تَطَّلِعُ } [الهمزة: 6-7] وتعلوا { عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } [الهمزة: 7] والأكباد؛ أي: حرقُها وإيلامها غير مختص بظواهر الجلود، بل يسري إلى البواطن أيضاً، كما أ، أثر الهمز واللزم اللذين هما سببا التعديل بهذه الحطمة سيشمل ظواهر الناس وبواطنهم.
بالجملة: { إِنَّهَا } أي: النار الموقودة الإلهية { عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } [الهمزة: 8] أي: مطبقة عليهم، محيطة بهم، محفوفة بحواشيهم وحواليهم، وهم حينئذٍ مشدودون، موثَّقون بأيديهم وأرجلهم.
{ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } [الهمزة: 9] أي: أعمدة وأخشاب طوال مثقوبة، ومن أعناقهم بالسلاسل والأغلال، ألاَ وهي مصورة من سلاسل الآمال وأغلال الأماني التي هم مقيدون بها في بقعة الإمكان.
أعاذنا الله وعموم عباده منها.
خاتمة السورة
عليك أيها الموحد المحمدي الوجِل الخائف عن مقتضيات القهر الإلهي وموجبات غضبه أن تعتدل في عموم أخلاقك وأطوارك، وتعيش بين بني نوعك هيناً ليناً، فرحان بلا مماراة ومخاصمة، تصاحبهم وتداريهم على وجه الوفاق والملاطفة، بلا شوب الشقاق والنفاق.
وبالجملة: ترجِّهم على نفسك في كل الأمور، وتراعيهم حسب المقدور فإن رعايتك إياهم، وترجيح جانبهم يؤدي إلى مراعاة جانب الحق وترجيحه.
وبالجملة: أحسن إليهم كما أحسن الله لك، فكن من المحسنين، واعبد ربك في كل ذرة حتى يأتيك اليقين.