التفاسير

< >
عرض

أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ
١
فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ
٢
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ
٤
ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ
٥
ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ
٦
وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ
٧
-الماعون

تفسير الجيلاني

{ أَرَأَيْتَ } أي: هل عرفت وأبصرت المعاند الكاذب { ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } [الماعون: 1] أي: بيوم الجزاء والحساب الموعود؛ لتنقيد الأعمال والأفعال الجارية في نشأة الاختبار؟.
{ فَذَلِكَ } المكذب المنكر هو { ٱلَّذِي يَدُعُّ } ويدفع بالعنف المفرط { ٱلْيَتِيمَ } [الماعون: 2] الذي جاءه لينفعه من ماله الذي كان عنده؛ لكونه قيماً ووصيّاً له، قيل: هو الوليد بن المغيرة، وقيل غيره، وما ذلك إلاَّ من غاية بخله وخساسته.
{ وَ } من شدة بخله وخساسته وإمساكه المفرط { لاَ يَحُضُّ } لا يحث أحداً { عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } [الماعون: 3] يعني: هو لا يطعم ولا يرضى أيضاً بإطعام الغير من شدة شحه وإمساكه، هذا أمارة تكذيبه بالدين والجزاء بحسب الظاهر.
أمَّا بحسب الباطن { فَوَيْلٌ } عظيم وعذاب أليم { لِّلْمُصَلِّينَ } [الماعون: 4] المكذبين بيوم الجزاء، المنكرين لمعالم الدين المستبين؛ لأنهم { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } [الماعون: 5] غافلون، لا يحافظون عليها في أوقاتها المحفوظة لها، ولا يواظبون على إقامتها.
بل هم { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } [الماعون: 6] بها على رءوس الملأ، ويتركونها في خلواتهم؛ لعدم اعتدادهم واعتقادهم بها، وما يترتب عليها من الجزاء مع تهاونهم وتكاسلهم في الصلاة التي هي عماد الدين وأعلى مراسم التوحيد واليقين.
{ وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } [الماعون: 7] أي: الزكاة المهذبة لنفوسهم عن الشح المستهجن والتقتير المستقبح، والفتوات المؤدية إلى عموم الحسنات والخيرات المسقطة للمروءات.
خاتمة السورة
عليك أيها الطالب لطريق الحق، الحقيق بالإطاعة والاتِّباع أن تهذب ظاهرك وباطنك عن مطلق الرذائل المنافية للعدالة الإلهية، وتخلي سرك عن الالتفات إلى ما سوى الحق؛ لتكون صلاتك منك ميلاً حقيقياً إلى الله، ومعراجاً معنوياً موصلاً إلى توحيده.
وإياك إياك المراء والمجادلة مع بني نوعك، والاستكبار عليهم، وإظهار الثروة والسيادة فيما بينهم بالمَّال والجاه، فإنه يميت قلبك، ويزيد في هواك، ويبعدك عن مولاك، تضرك في أولاك وأخراك.