التفاسير

< >
عرض

قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
٩٢
وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ
٩٣
وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩٤
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
-هود

تفسير الجيلاني

وبعدما آيس شعيب عليه السلام من إيمانهم { قَالَ يٰقَوْمِ } أضافهم إلى نفسه هنا تهكماً بخلاف ما مضى؛ إذ قد آيس عن صلاحهم بالمرة { أَرَهْطِيۤ } وأقوالي { أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ } الذي أوجدكم من كتم العدم، فعزرتموهم وراعيتم جانبهم { وَٱتَّخَذْتُمُوهُ } أي: الله سبحانه وأوامره ونواهيه وإطاعة رسوله { وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً } أي: منبوذاً وراء ظهوركم، بل رجحتم جانب المصنوع على جانب الصانع { إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ } من المفاسد { مُحِيطٌ } [هود: 92] بعلمه إحاطة حضور لا يغيب عنه شيء، فيفصلها علكيم ويجازيكم بها.
{ وَيٰقَوْمِ } الناكبين عن طريق الحق المصرين على الباطل { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } وعلى مقتضى مرتبتكم ونشأتكم أي عمل شتئم { إِنِّي } أيضاً { عَٰمِلٌ } على شأني { سَوْفَ تَعْلَمُونَ } أنتم وأنا أيضاً { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } ويريده { وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ } منا بالله وبسر ربوبيته وتوحيده { وَٱرْتَقِبُوۤاْ } أي: انتظروا وترقبوا بالعذاب والنكال { إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } [هود: 93] منتظر.
{ وَلَمَّا جَآءَ } ونفذ { أَمْرُنَا } بأهلاكهم { نَجَّيْنَا } وأخرجنا أولاً من بينهم { شُعَيْباً } الناجي { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } وامتثلوا بما أُمروا به من عندنا { بِرَحْمَةٍ } نازلة { مِّنَّا } إياهم تفضلاً { وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أنفسهم حين صاروا في فراشهم بائتين { الصَّيْحَةُ } الهائلة { فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ } التي كانوا مترفهين فيها { جَاثِمِينَ } [هود: 94] جامدين وأجسادهم بلا روح.
وصاروا { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ } ولم يسكنوا { فِيهَآ } فصاح عليهم من صاح من أرباب الفطنة والعبرة: { أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } [هود: 95].