التفاسير

< >
عرض

الۤمۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
١
ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ
٢
وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٣
-الرعد

تفسير الجيلاني

{ الۤمۤر } أيها الإنسان الكامل اللبيب اللائق لملا حظه رموز آثار التوحيد اللائح عن غرته الغراء مقتضيات لوامع الرشد والرضا عما جرى عليه القضاء { تِلْكَ } السورة المنزلة إليك { آيَاتُ ٱلْكِتَابِ } الجامع للكتب المنزلة أي: من جملة آياته { وَ } أيضاً { ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ } قبل نزولها { مِن رَّبِّكَ } من الآيات النازلة كلها { ٱلْحَقُّ } المطابق للواقع، النازل من عند الحكيم العليم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } لانهماكهم في الغفلة والنسيان { لاَ يُؤْمِنُونَ } [الرعد: 1] أي: لا يصدقون ولا يعتقدون بحقيته وحقية منزله.
وكيف لا يعتقدون حقيته أولئك الحمقى المعاندون؛ إذ هو { ٱللَّهُ } المبدئ المبدع الرفعي البديع { ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَاوَاتِ } أي: العلويات معلقاً { بِغَيْرِ عَمَدٍ } واسطين يعتمدون عليها ظاهراً كما { تَرَوْنَهَا } في بادئ النظر؛ لتكون أسباباً ووسائل للسفليات { ثُمَّ } لما رفعها وصور بها على أبلغ النظام وأبدعها { ٱسْتَوَىٰ } باسمه الرحمن { عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي: على عروش جميع الكائنات بالإظهار والإبرار وأنواع التدبيرات والمتعلقة لحفظها وبقاء نظامها { وَسَخَّرَ } من بينها { ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } لتتميم التدبير { كُلٌّ } منها { يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى } أي: يدور دورة معينة شتاءً وصيفاً، ربيعاً وخريفاً، لإصلاح ما يتعلق بمعاشهم وحفظهم، وبالجملة: { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } على ما ينبغي ويليق بلا فتور وقصور { يُفَصِّلُ } لكم { ٱلآيَاتِ } ويوضح لكم الدلائل والشواهد الدالة على توحيده { لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ } [الرعد: 2] أي: رجاء أن تتفطنوا وتتيقنوا بموجودكم ومربيكم.
{ وَ } كيف لا تتفطنون أيها المجبولون على فطرة الفنطنة والذكاء { هُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ } وفرشها مبسوطة { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ } وجبالاً شامخات؛ لتكون أوتاداً لها { وَأَنْهَاراً } منتشئة منها، جارية على وجه الأرض؛ لإثبات ما تقتاتون وتتقوتون بها { وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } لتكون سبباً لدوامها وبقائها ولإنضاجها وإصلاحها { يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ } أي: يلبس الليل بالنهار لتسكين البرودة، والنهار بالليل؛ لتسكين الحرارة؛ ليحصل الاعتدال في طبيعة الهواء المنضج { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } الحكم والتدابير { لآيَاتٍ } دلائل واضحاتٍ وشواهد لائحات { لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الرعد: 3] ويتأملون في حكم الصانع الحكيم والمدبر العليم.