التفاسير

< >
عرض

قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١١
وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ
١٢
-إبراهيم

تفسير الجيلاني

{ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ } مسلمين منهم المشاركة في الجنس: { إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } نشارك لكم في جميع أحوال البشر وأوصافه { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ } المنعم المفضل { يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } بمقتضى جوده وأحسانه بفضائل مخصوصة وكرائم غير شاملة على تفاوت مراتبهم واستعدادتهم المثبتة في علم الله { وَ } أما أمر مقترحاتكم فإنه { مَا كَانَ } أي: صح وجاز { لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ } تقترحون { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي: بتوفيقه ووحيه وإقداره إن تعلق إرادته بصدورها منا { وَعلَى ٱللَّهِ } لا على غيره من الأسباب والوسائل العداية { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [إبراهيم: 11] الموحدون المفوضون أمورهم كلها إلى الله أولاً وبالذات، ولا يعتقدون الحول والقوة إلا بالله المستقل في ذاته وأوصافه وأفعاله.
{ وَ } بعدما آيسوا عنهم وعن صلاحهم اشتغلوا إلى تزكية نفوسهم { مَا لَنَآ } أي: أي عذر عرض لنا { أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ } المصلح لأحوالنا، فلِمَ لَمْ نتخذه وكيلنا وكفيلنا؟ { وَ } الحال أنه سبحانه بمقتضى لطفه وجماله { قَدْ هَدَانَا } وأوضح لنا { سُبُلَنَا } التي نسلك بها نحو توحيده وعرفانه، وإن ما جرى علينا من المنافع والمضار إنما هو من عنده وبمقتضى مشيئته وإرادته { وَ } الله بعدما تحققنا بمقام التوحيد، وتمكنا في مقر التجريد والتفريد { لَنَصْبِرَنَّ } على جميع { عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا } بالرد والإنكار وغير ذلك من الاستهزاء وسوء الأدب، وكيف لا نصبر؛ إذ الكل بيده سبحانه وبحيطة حضرة قدرته وإرادته، إنما وصل إلينا ابتلاء منه سبحاه إيانا واختباراً { وَ } بعدما تحقق وبيَّن أن الكل من عنده { عَلَى ٱللَّهِ } المستقل في جميع التصرفات والأفعال في كل الأمور والأحوال { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } [إبراهيم: 12] الموحدون، المفوضون أمورهم كلها إليه؛ لذلك بذلوا مهجهم في طريق التوحيد وإعلاء كلمته.