{ رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ } على وجه الخضوع والخشوع والتبتل والأخلاص { وَ } اجعل { مِن ذُرِّيَتِي } أيضاً من يقيمها على الوجه المذكور { رَبَّنَا } استجب مني{ وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ } [إبراهيم: 40] في حقي وحق أولادي.
{ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي } بفضلك؛ إلا لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً { وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } جميعاً، واعف بمقتضى جودلك من زلتي ولازتهم { يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ } [إبراهيم: 41] وبنشر الديوان، ويحاسب كل على ما كسب من العصيانز
{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ } يا أكمل الرسل { ٱللَّهَ } المطلع على سرائر الأمور وخفياته { غَافِلاً } ناسياً ذاهلاً { عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ } الخارجون عن حدود الله بإمهالهم زماناً، بل { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ } ويسوِّف عذابهم { لِيَوْمٍ تَشْخَصُ } وتتحير { فِيهِ ٱلأَبْصَارُ } [إبراهيم: 42] وصاروا من شدة الهول والمهابة لا يقدرون على أن يطرفوا عيونهم، بل تبقى مفتوحة حائرة كيعون الموتى، كأنهم قد انقطعت أرواحهم عن أجسادهم.
وهم مع هذه الحيرة والدهشة { مُهْطِعِينَ } مسرعين نحو المحشر، حيارى سكارى { مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ } أي: رافعيها نحو السماء، مترقبين لنزول البلاء، مدهوشين هائمين بحيث { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } شدة ولههم وهيمانهم { وَ } في تلك الحالة { أَفْئِدَتُهُمْ } وقلوبهم التي هي محل الأمان والخيالات { هَوَآءٌ } [إبراهيم: 43] أي: خالية، لا يخطر ببالهم شيء ملطقاً وإن كانت لا تخلو عن الأخطار أبداً.