التفاسير

< >
عرض

وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
١٧١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
١٧٢
إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٧٣
-البقرة

تفسير الجيلاني

{ وَ } إن شئت يا أكمل الرسل زيادة تفضيحهم اذكر للمؤمنين قولنا: { مَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } تقليداً لآبائهم مع قابليتهم واستعدادهم للإيمان { كَمَثَلِ } الشخص { ٱلَّذِي يَنْعِقُ } يخاطب ويصوت من سفاهته { بِمَا } أي: بجمادٍ { لاَ يَسْمَعُ } منه شيئاً في مقابلته { إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً } منعكسين من دعائه، شبه حالهم في السفاهة والحماقة بحال من يصوت نحو الجبل فيسمع منه صوته منعكسة، فيتخيل من سفاهته أنه يتكلم معه، والحال أن آباءهم أيضاً أمثالهم { صُمٌّ } لا يسمعون دعوة الحق من ألسنة الرسل { بُكْمٌ } أيضاً لا يتكلمون بما ظهر لهم من الحق الصريح نقلاً وعقلاً { عُمْيٌ } أيضاً، لا يبصرون آثار الصفات وأنوار تجليات الذات الظاهرة على الآفاق { فَهُمْ } وآباؤهم من غاية انهماكهم في الغفلة والنسيان كأنهم { لاَ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 171] أي: لا يخلقون من زمرة العقلاء.
نبهنا بفظلك عن سنة الغفلة ونوم النسيان.
ثم ناداهم سبحانه، وأوصاهم بما يتعلق بأمور معاشهم أيضاً بقوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ } مزكيات ما أحل لكم من الحيوانات من { مَا رَزَقْنَاكُمْ } سقنا نحوكم تفضلاً؛ لتقوية مزاجكم وتعديله { وَ } بعد تقويتنا وتعديلنا إياكم { ٱشْكُرُواْ للَّهِ } المنعم المفضل، المربي لكم بلا التفات إلى الوسائق والوسائق { إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ } لا إلى غيره من الآليهة { تَعْبُدُونَ } [البقرة: 172] تقصرون العبادة.
قل لهم يا أكمل الرسل نيابة: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ } أي: ما حرم ربكم عليكم في دينكم من الحيوانات إلا { ٱلْمَيْتَةَ } حتف نفسه بلا تزيكة وتهليل { وَٱلدَّمَ } السائل من أي وجه كان { وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ } المرخص في الأديان الأخر لنجاسة عينه طبعاً وشرعاً { وَمَآ أُهِلَّ } صوت { بِهِ لِغَيْرِ } اسم { ٱللَّهِ } عند ذبحه من أسماء الأصنام، وإنما حرم عليكم هذه الأشياء وقت سعتكم { فَمَنِ ٱضْطُرَّ } منكم حال كونه { غَيْرَ بَاغٍ } للولاة القائمين بحدود الله { وَلاَ عَادٍ } مجاوزاً عن شدة الجوعة إلى وقت السعة { فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ } إن تناول منها مقدار سد الرمق { إِنَّ ٱللَّهَ } المرخص لكم في أمثال المضائق والاضطرار { غَفُورٌ } سائر لكم عن أمثال هذه الجراءة { رَّحِيمٌ } [البقرة: 173] علكيم بهذه الرخصة.