{قُلْ} لهم يا أكمل الرسل إمحاضاً للنصح كلاماً صادراً عن لسان الحكمة والتوحيد خالياً عن وصمة الغفلة والتقليد: {يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ} الذين يدعون الإيمان بتوحيد الله وكتبه ورسله {تَعَالَوْاْ} هلموا نتفق ونرجع {إِلَىٰ كَلِمَةٍ} حق صحيحة {سَوَآءٍ} حقيتها وصحتها {بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} مسلمة ثبوتها عندنا وعندكم بلا خلاف منا ومنكم، وهي {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ} المعبود بحق، المستحق للعبادة بالأصالة {وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ} في عبادته {شَيْئاً} من مصنوعاته {وَ} أيضاً {لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً} واجب الإطاعة والانقياد {مِّن دُونِ ٱللَّهِ} المتوحد بالألوهية، المنفرد بالمعبودية، وإن قبلوا ما قلت لهم عليه وانقادوا وأطاعوا فقد آمنوا {فَإِن تَوَلَّوْاْ} أعرضوا عن الكلمة الحقة المسلمة المتفقة عليها {فَقُولُواْ} إلزاماً وتبكيتاً {ٱشْهَدُواْ} أيها المنكرون الكافرون {بِأَنَّا} لا أنتم {مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] موحدون، مؤمنون منقادون.
ثم قل لهم إلزاماً: {يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ} وتجادلون {فِيۤ} شأن {إِبْرَاهِيمَ} بأنه يهودي أو نصراني {وَ} الحال أنه {مَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ} المبيّن لليهودية {وَٱلإنْجِيلُ} المبيِّن للنصرانية{إِلاَّ مِن بَعْدِهِ} بمدة متطاولة {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 65] أنتم أيها الكافرون المكابرون في هذه الدعوى.
{هٰأَنْتُمْ} أيها الحمقى العميان في أمور الدين {هَؤُلاۤءِ} الضالون المصرون على الكفر والعناد {حَاجَجْتُمْ} جادلتم {فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ} مذكور مثبت في كتابكم من بعثه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأوصافه فتغيرونه وتحرفونه عناداً بعدما ظهر عندكم حقيته {فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} مثبت مذكور في كتابكم من يهودية إبراهيم ونصرانيته، فتفترون وتنسبون إلى كتباكم ما لم يذكر فيه؛ مكابرة وعناداً {وَٱللَّهُ} المطلع لضمائركم {يَعْلَمُ} ما حرفتم وما افتريتم ويعاقب على مقضتى علمه {وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: 66] ولا تعتقدون بعلمه على ما فرطتم فيه.