{وَمَن يَبْتَغِ} يطلب ويتدين {غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ} المنزل على خير الأنام {دِيناً} وشريعة {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} يوم الدين القويم، المستجمع لجميع الأديان، الناسخ لها هو الإسلام؛ لابتنائه على التوحيد الذاتي المسقط للإضافات والخصوصيات مطلقاً {وَهُوَ} أي: المتدين بغير دين الإسلام {فِي} النشأة {ٱلآخِرَةِ} وقت حصاد كل ما يزرعه في النشأة الأولى {مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] خسراناً مبيناً.
نعتصم بك من إنزال قهرك يا ذا القوة المتين.
ثم قال سبحانه مستفهماً مستبعداً على سبيل التوبيخ والتريع: {كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ} الهادي لعباده {قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} بوحدانية الله {وَ} بعد أن {شَهِدُوۤاْ} أقروا واعترفوا وصدقوا {أَنَّ ٱلرَّسُولَ} المبيِّن لهم طريق التوحيد، المرشد إليه مرسل {حَقٌّ} من عند الله صادق في دعواه {وَ} مع ذلك {جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ} الدالة على صدقه، فقبلوا جميعه ثم ارتدوا، العياذ بالله {وَٱللَّهُ} الهادي للكل إلى سواء السبيل {لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ} [آل عمران: 86] الخارجين عن حدوده.
{أُوْلَـٰئِكَ} الظالمون الضالون عن منهج الصدق والصواب {جَزَآؤُهُمْ} المتفرع على ضلالهم هو {أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ} وطرده وتخذييله إياهم ثابت له مستقر أزلاً وأبداً {وَ} لعنة {ٱلْمَلاۤئِكَةِ} المستغفرين {وَ} لعنة {ٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [آل عمران: 87].
{خَالِدِينَ} هؤلاء {فِيهَا} أي: في اللعنة ولوازمها من أنواع العذاب والنكال بحيث {لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ} المتفرع عليها أصلاً {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} [آل عمران: 88] ينتظرون تخفيفه.
{إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ} منهم في النشأة الأولى {مِن بَعْدِ ذٰلِكَ} الارتداد والضلال {وَأَصْلَحُواْ} أحوالهم بالتوبة والإخلاص والاستغفار والندماة على ما صدر عنهم {فَإِنَّ الله} الموفق لهم على التوبة {غَفُورٌ} يستر جرائمهم {رَّحِيمٌ} [آل عمران: 89] مشفق يتجاوز عن زلاتهم.