التفاسير

< >
عرض

إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ
٣٤
إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
٣٥
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ
٣٦
بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣٧
إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ
٣٨
وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٣٩
-الصافات

تفسير الجيلاني

{ إِنَّا } من كمال قهرنا وجلالنا { كَذَلِكَ } أي: مثل ذلك الفعل الهائل الذي هو سوقهم جميعاً إلى النار { نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } [الصافات: 34] المتخذين لنا شركاء من دوننا، الخارجين عن ربقة عبوديتنا بالالتفات والتوجه إلى غيرنا.
وكيف لا نفعل به مع المجرمين المشركين كذلك؟! { إِنَّهُمْ } من غاية عتوهم وعنادهم { كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ } تذكيراً وتنبيهاً: { لاَ إِلَـٰهَ } في الوجود يعتد به ويرجع إليه في الخطوب { إِلاَّ ٱللَّهُ } الواحد الأحد الأحد الصمد الفرد، الذي
{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 3-4] هم حينئذ { يَسْتَكْبِرُونَ } [الصافات: 35] ويعرضون عن كلمة التوحيد ومقتضاها، ويمتنعون عنها وعن معناها.
{ وَيَقُولُونَ } حنيئذ من غاية تعنتهم، وإصرارهم على الشرك على سبيل الإنكار والاستبعاد { أَئِنَّا } مع كمال عقلنا ورشدنا { لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا } الذين كنا نحن وآباؤنا وأسلافنا لها عابدين كافين { لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } [الصافا: 36] يتكلم بكلام المجانين، وقد جاء بأباطيل من تلقاء نفسه، مشتملة على أساطير الأولين؛ يعنون الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم لما تمادوا في طعنه وطغيانه صلى الله عليه وسلم، وبالغوا في قدح القرآن وإنكاره، ردع الله عليهم على أبلغ وجه وأوضح بيان، فقال سبحانه إضراباً عن قولهم: { بَلْ جَآءَ } محمد صلى الله عليه وسلم ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } داعياً على الحق إلى الحق { وَ } علامة حقيته وصدقه أنه { صَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الصافا: 37] المنزلين من عندنا على الحق اليقين.
{ إِنَّكُمْ } أيها الضالون المكذبون به صلى الله عليه وسلم ، وبكتابنا المنزل عليه من عندنا { لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } [الصافات: 38] المعد لكم وأمثالكم في قعر الجحيم.
{ وَ } اعلموا أنكم { مَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الصافات: 39] أي: مثلما عملتم وبمقتضاه، بلا زيادة عليه ونقصان، عدلاً منا وقهراً على من انحف عن جادة توحيدنا.