{إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ} [الصافات: 40] الموفقين على الإيمان والأعمال الصالحة، خالصاً لوجه الله الكريم.
{أُوْلَئِكَ} السعداء المقبولون عند الله، المرضيون لديه سبحانه {لَهُمْ} من فضل الله إياهم {رِزْقٌ مَّعْلُومٌ} [الصافات: 41] معد، معين عنده سبحانه صورياً ومعنوياً، عينياً وعلمياً، كشفياً وشهودياً على ما علموا من صالحات الأعمال والأخلاق والحالات.
بل لهم تفضلاً عليهم ومزيداً لتكريمهم {فَوَاكِهُ} كثيرة يتلذذون بها حسب ما يشتهون {وَ} بالجملة: {هُم مُّكْرَمُونَ} [الصافات: 42] عند ربهم، متنعمون {فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ} [الصافات: 43] المشتملة على الرزق الصوري والمعنوي، متكئين {عَلَىٰ سُرُرٍ} رفيعة حسب رفعة درجاتهم في الإيقان والعرفان والكشف والعيان {مُّتَقَابِلِينَ} [الصافات: 44] متواجهين مع قرنائهم.
{يُطَافُ عَلَيْهِمْ} تشريفاً لهم وتجديداً لذوقهم وحضورهم {بِكَأْسٍ} مملوء {مِّن} ماء {مَّعِينٍ} [الصافات: 45] هو خمر الجنة، سمي به؛ لأنه عان ونبع من بحر اللاهوت، وترشح من عين الحياة المنتشئة من حضرة الرحموت.
{بَيْضَآءَ} لا لون له يدركها النظر ويخبر عن كيفيتها الخبر {لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ} [الصافات: 46] أي: لذيذة للعارفين المتعطشين بزلان التوحيد وبرد اليقين، لا يدرك كيفيتها إلا من يذوقها، ومن يذوقها لا يظمأ منها أبداً، ولا تخرج نشوتها عنه أمداً، بل يطلب دائماً مزيداً.
إذ {لاَ فِيهَا غَوْلٌ} أي: غائلة خمار وصداع يترتب عليها كما يترتب على خمور الدنيا {وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} [الصافات: 47] يسكرون إلى حيث يذهب عقولهمه ويفسد أمزجتهم ويختل خواطرهم، وينسون مطالبهم ويضلون عن مقصدهم كما في خمر الدنيا، بل يزيد منها شوقهم وذوقهم ويتكامل طلبهم.
{وَعِندَهُمْ} من الأرواح المزدوجة معهم، المقبولة عندهم {قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ} عليهم، ولا يلتفتن إلى غيرهم {عِينٌ} [الصافات: 48] أي: حسان العين والحواجب والأجفان والآماق.
{كَأَنَّهُنَّ} في صفاء البدن وبياضه {بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} [الصافات: 49] مصون محفوظ عن الغبار، مخلوط بأدنى صفرة كلون الفضة، وهو أحسن ألوان جسد الإنسان.