التفاسير

< >
عرض

وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ
٦٨
وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٦٩
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ
٧٠
-الزمر

تفسير الجيلاني

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل للمشركين يوم { نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } لرد الأمانات التي هي الوجودات المترشحة من بحر الذات على هياكل الهوايات { فَصَعِقَ } أي: خرَّ وسقط مغشياً من فزعه { مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي: جميع العلويات { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } أي: جميع السلفيات خوفاً من انقطاع الأمور الإلهية بمقتضى النفس الرحماني { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } من المعتبرين الفانين في الله، الباقين ببقائه، فإنهم قد قامت قيامتهم { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ } إيقاظاً لهم عن سنة الغفلة ونعاس النسيان { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ } أي: فاجؤوا على القيام، بعدما صاروا مغشياً عليهم { يَنظُرُونَ } [الزمر: 68] حينئذ حيارى سكارى مبهوتين هائمين، كأنهم صرعى مخبولين.
{ وَ } بعد ذلك { أَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } أي: صارت الطبيعة والهيولي منورة بنور الله على ما كانت عليه قبل الفتح، وحينئذ عرضوا على الله { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } أي: مكتوب أعمال كل من النفوس الزكية والخبيثة بين أيديهم، وحُوسبوا بمقتضى ما فيه { وَ } بعدما تم حسابهم وتنقيد أعمالهم { جِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ } المبعوثين كل منهم إلى أمة من الأمم؛ ليشهدوا على أممهم بما كانوا عليه في النشأة الأولى { وَٱلشُّهَدَآءِ } أي: وجيء بالشهداء أيضاً؛ يعني: أنطق الله أركانهم وجوارحهم التي أتوا بها ما أتوا من خير وشر فيشهدون.
{ وَ } بعد انكشاف أحوالهم وضبط أعمالهم { قُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ } على مقتضى العدالة الإلهية بلا حيف وميل { وَهُمْ } حينئذ { لاَ يُظْلَمُونَ } [الزمر: 69] بالزيادة والنقصان ثواباً وعقاباً.
{ وَ } بالجملة: { وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ } جزاء { مَّا عَمِلَتْ } من خير وشر { وَ } كيف لا يوفى؛ إذ { هُوَ } سبحانه { أَعْلَمُ } وأحفظ منهم { بِمَا يَفْعَلُونَ } أي: بجميع أفعالهم وأعمالهم الصادرة منهم، صالحها وفاسدها، نقيرها وقطميرها.