التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً
١٢٤
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
١٢٥
وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً
١٢٦
-النساء

تفسير الجيلاني

{ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ } المأمورة كلها، أو بعضها سواء كان { مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَ } الحال أنه { هُوَ مُؤْمِنٌ } بتوحيد الله وجميع كتبه ورسله { فَأُوْلَـٰئِكَ } الصالحون الأمناء { يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } المعدة لأهل الإيمان والصلاح { وَلاَ يُظْلَمُونَ } ينقصون من جزاء ما عملوا { نَقِيراً } [النساء: 124] مقدار نقر النواة، بل يزدادون عليها ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله.
{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً } وأقوم سبيلاً { مِمَّنْ أَسْلَمَ } أي: أسلم { وَجْهَهُ } المفاض له من الله { لله } المفيض لوجوه الأشياء الموجودة { وَهُوَ } في حالة التسليم { مُحْسِنٌ } مع الله مستغرق بمطالعة جماله { واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ } التي هي أقوم الملل وأحسنها؛ إذ هو { حَنِيفاً } مائلاً عن الأديان الباطلة، والآراء الفاسدة مطلقاً { وَ } لذلك { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ } المطلع لضمائر عباده { إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } [النساء: 125] كأنه تخلل فيه إلى حيث صار سمعه وبصره ويده ورجله على ما نطق به الحديث القدسي.
ولا يظن أنه تخلل فيه على وجه الحلول والاتحاد، بل على التوحيدج الصرف الخالي عن الكثرة مطلقاً؛ إذ { وَللَّهِ } الواحد الأحد الصمد، الذي
{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 3-4] جميع { مَا } ظهر { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي: العلويات { وَمَا } ظهر { فِي ٱلأَرْضِ } أي: السفليات؛ إذ كل ما ظهر وما بطن فمنه بدأ وإلأيه يعود { وَكَانَ ٱللَّهُ } االمتجلي في الآفاق والأنفس { بِكُلِّ شَيْءٍ } من مظاهره { مُّحِيطاً } [النساء: 126] لا كإحاطة الظرفية بمظروفه، بل كإحاطة الشمس بالأضواء والأضلال، وإحاطة الروح بالجسم.
أذقنا بلطفك حلاوة توحيدك.