ثم نبه سبحانه على تفضيل { ٱلرِّجَالُ } المعتدلة المزاج المستقيمة العقول { قَوَّٰمُونَ } حافظون { عَلَى ٱلنِّسَآءِ } إذ لا بد لهن لضعفهن من حفيظ يرقبهن عما يشتهين؛ صيانة لعفتهن { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ } به { بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي: بعض بني آدم على بعض، وهو الحمية المنبعثة من كمال العقل { وَبِمَآ أَنْفَقُواْ } لهن { مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ } التي حصلت لهم من مكاسبهم { فَٱلصَّٰلِحَٰتُ } العفائف من النساء { قَٰنِتَٰتٌ } مطيعات لأزواجهن، خادمات لهم ظاهراً { حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ } أي: لحقوقهم المخفية الباطنة عنهم، تابعات ممتثلات { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } لهن من رعاية أزواجهن وعدم الخيانة في حقوقهم.
{ وَ } النساء { ٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ } عصيانهن وعدم خفظهن بحقوق الزواج من أمارات ظهرت منهن { فَعِظُوهُنَّ } أي: فعليكم أيها الأزواج أن تعظوهن رفقاً بما وعظ الله لهن من رعاية حقوق الله وحقوق الأزواج لعلهن يفطن ويتركن ما عليهن { وَ } إن لم يتركن { ٱهْجُرُوهُنَّ } اتركوهن { فِي ٱلْمَضَاجِعِ } وحدية فلا ترجعوا إليه، بل اعتزلوا عنهن لعلهن يتأثرن بها { وَ } إن لم يتأثرن بها أيضاً { ٱضْرِبُوهُنَّ } ضرباً مؤلماً غير متجاوز عن الحد { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ } بامتثال هذه التأديبات { فَلاَ تَبْغُواْ } لا تطلبوا { عَلَيْهِنَّ } لطلاقهن وإخراجهن { سَبِيلاً } استعلاء وترفعاً { إِنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوال عباده { كَانَ عَلِيّاً } في شأنه { كَبِيراً } [النساء: 34] في أحكامه، لا ينازع في حكمه، ولا يُسأل عن أمره.
{ وَإِنْ } تطالوت الخصومة والنزاع بينهما حتى { خِفْتُمْ } وظننتم أيها الحكام { شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } وآيستم عن المصالحة والوفاق { فَٱبْعَثُواْ } أي: فعليكم أيها الحكام أن بعثوا { حَكَماً } مصلحاً ذا رأي { مِّنْ أَهْلِهِ } أي: من أقاربه { وَحَكَماً } مثل ذلك { مِّنْ أَهْلِهَآ } ليصيرا وكيلين عنهما يصلحا صلاحاً وطلاقاً وخلعاً وفداء، ثم { إِن يُرِيدَآ } أي: الحكمان { إِصْلَٰحاً } لأمرهما ورفعاً لنزاعهما { يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ } إن رضيا بمصالحتهما وإلا فليرفعا عقد النكاح بينهما على أي طريق كان { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائر عباده { كَانَ عَلِيماً } بنزاعهما { خَبِيراً } [النساء: 35] بما يؤول إليه النزاع.