{ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } أي: تمنوا أن تكفروا { كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ } معهم { سَوَآءً } في الكفر والضلال والبعد من جوار الله وكنفه، وإذا كان الأمر على هذه { فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ } أي: أعداءكم { أَوْلِيَآءَ } توالونهم وتوادونهم { حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ } أي: إلى أن يسلموا ويهاجروا { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ويبعدوا عن ديارهم وعشائرهم؛ تقرباً إلى الله وتوجهاً إلى رسوله { فَإِنْ تَوَلَّوْاْ } أي: أعرضوا عن الإسلام والتقرب إلى الله بعدما هاجروا عن ديارهم { فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } كسائر المشركين { وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ } أي: من هؤلاء المهاجرين المصرين على شركهم وكفره { وَلِيّاً } توالونه { وَلاَ نَصِيراً } [النساء: 89] تنصرونه، فعليكم أن تجانبوهم وتتركوا ولايتهم وودادهم.
{ إِلاَّ } المهاجرين { ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ } عهد وثيق على ألاَّ تستعينوا منهم ولا تعينوا عليهم، والمواصلون إليهم في حكمهم وعلى عهدهم، فلا تأخذوهم ولا تقتلوهم حتى لا تنقضوا الميثاق { أَوْ جَآءُوكُمْ } حال كونهم قد { حَصِرَتْ } ضاقت وانقضت { صُدُورُهُمْ } من الرعب، من المهابة، وحين كره ولم يؤذن { أَن يُقَٰتِلُوكُمْ أَوْ يُقَٰتِلُواْ قَوْمَهُمْ } لأن المروءة تأبى عن ذلك؛ إذ هم ليسوا على عدة القتال، فعليكم ألاَّ تبادروا إليه؛ إذ القتال إنما فرض مع المقاتلين المجترئين { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } قتالكم { لَسَلَّطَهُمْ } لجرأهم { عَلَيْكُمْ } وأزال رعبهم عنكم { فَلَقَٰتَلُوكُمْ } ولم ينصرفوا عنكم { فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ } وانصرفوا عنكم { فَلَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ } ولم يتعرضوا لكم { وَ } مع ذلك { أَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ } أي: الاستسلام والانقياد { فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ } الميسر { لَكُمْ } جميع أموركم { عَلَيْهِمْ } أي: على قتلهم وأسرهم { سَبِيلاً } [النساء: 90] بل اصبروا حتى يأذدن الله لكم.