التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ
٦
ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
٧
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
٨
-فصلت

تفسير الجيلاني

وبعدما استنكفوا عنك، واستكبروا عليك وعلى دينك وكتابك { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل كلاماً ناشئاً عن محض اليقين والتوحيد، خالياً عن وصمة التخمين والتقليد: { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي: ما أنا إلا بشر مثلكم ما أدعي الملكية لنفسي، غاية ما في الباب أنه { يُوحَىٰ إِلَيَّ } أي: يوحي ربي إليّ بمقتضى سنته السنية المستمرة في سالف الزمان { أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ } الذي أظهركم من كتم العدم، وأخرجكم من فضاء الوجود { إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } أحد صمد فرد وتر، لا تعدد فيه بوجه من الوجوه { فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ } توجهوا نحوه مخلصين موحدين { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } لفرطاتكم التي صدرت عنكم بمقتضى بشريتكم؛ ليغفر لكم ما تقدم منكم من طغيان بهيميتكم.
{ وَ } عليكم ألاَّ تشاركوا معه سبحانه شيئاً من مظاهره ومصنوعاته؛ إذ { وَيْلٌ } عظيم وعذاب أليم معد عنده { لِّلْمُشْرِكِينَ } [فصلت: 6] المشركين له غيره، الخارجين عن مقتضى توحيده واستقلاله في ألوهيته ظلماً وزوراً.
والمشركون المستكبرون عن آيات الله هم { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } المفروضة لهم من أموالهم تطهيراً لنفوسهم عن رذالة البخل، ولقلوبهم عن الميل إلى ما سوى الحق { وَ } سبب امتناعهم عن التخلية والتطهير، أنهم بمقتضى أهويتهم الفاسدة وآرائهم الباطلة { هُمْ بِٱلآخِرَةِ } المعدة لتنقيد أعمال العباد { هُمْ كَافِرُونَ } [فصلت: 7] منكرون جاحدون، لذلك يمتنعون عن قبول التكاليف الشرعية، وعن الامتثال للأوامر الدينية المنزلة على مقتضى الحكمة الإلهية.
ثم قال سبحانه على مقتضى سنته السنية: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بوحدة الحق واستقلاله في الألوهية { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي: أكدوا إيمانهم بصالحات الأعمال مخلصين فيها لمجرد امتثال أمر العبودية، بلا ترقب منهم إلى ما يترتب عليها من المثوبات { لَهُمْ } عند ربهم بدل إخلاصهم { أَجْرٌ } وجزاء { غَيْرُ مَمْنُونٍ } [فصلت: 8] أي: بلا منَّة معقبة للثقل والأذى، بل يحسن ويتفضل عليهم سبحانه من محض الرضا.