التفاسير

< >
عرض

أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
٢١
بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ
٢٢
وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ
٢٣
قَٰلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
٢٤
فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
٢٥
-الزخرف

تفسير الجيلاني

أهم يدعون دليلاً عقلياً سواه على مدعاهم { أَمْ } يدعون دليلاً نقلياً بأن { آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ } أي: من قبل القرآن، مشتملاً على اتخاذهم وادعائهم المذكور؟! { فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } [الزخرف: 21] متمسكون به في دعواهم هذه.
{ بَلْ } ليس لهم لا هذا ولا ذاك سوى أنهم { قَالُوۤاْ } على وجه التقليد: { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } طريقة معينة { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } [الزخرف: 22] إلى ما اهتدوا تقليداً لهم واقتفاء بأثرهم.
{ وَكَذَلِكَ } أي: ومثل ما قال هؤلاء التائهون في تيه التقليد والضلال { مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } يا أكمل الرسل { فِي قَرْيَةٍ } من القرى الهالكة { مِّن نَّذِيرٍ } من النذر الأولى { إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ } ومتنعموهها على سبيل البطر والمفاخرة: { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } أي: طريقة معهودة معينة { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [الزخرف: 23] لا نترك ديدنة آبائنا، بما اخترعتموه من تلقاء أنفسكم أيها المدعون.
{ قَٰلَ } - المفسر بقراءة قال على قراءة الجميع غير حفص وابن عامر - يا أكمل الرسل بعدما سمعت منهم ما سمعت كلاماً خالياً عن وصمة المراء والمجادلة، عارياً عن أمارات التقليد والتخمين: { أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ } يعني: أتقلدن، وتتبعون آباءكم أيها المقلدون المسرفون، ولو جئتكم { بِأَهْدَىٰ } أي: بدين أهدى، وأنفع لكم ي أولاكم وأخراكم { مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ } أي: من أديان آبائكم وتقليداتهم، فتتركون الهداية وتتبعون الضلال.
وبعدما سمع من هؤلاء المقلدون والمسرفون ما سمع أسلافهم من النذر الأولى من الهداية والرشاد { قَالُوۤاْ } مصرين على ما هم عليه: { إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } أي: بجميع ما جئتم به أيها المدعون للرسالة { كَافِرُونَ } [الزخرف: 24] منكرون جاحدون، لا نقل من أمثال هذا، ولا نترك دين آبائنا ومتابعتهم بمجرد ما ابتدعتموه مراء، ونسبتموه إلى الله افتراء.
وبعدما أصروا على ضلالهم، وتقليداتهم الموروثة له من آبائهم، لم ينفعهم إرشاد الرسل وإهداؤهم { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } فأخذناهم صاغرين { فَٱنظُرْ } أيها المعتبر الناظر { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } [الزخرف: 25] المصرين على التكذيب والعناد مع رسل الله، وذوي الخطر من خُلَّص عباده.