{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ } أي: أيّ شيء من الأشياء المألوفة المتعارفة { أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ } في دينكم { ٱلطَّيِّبَاتُ } التي مضى ذكرها في أول السورة من البهائم المذكاة { وَ } كذا أحل لكم صيد { مَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ } الكواسب، لكم الصيد من أدوات القوائم والمخالب حال كونكم { مُكَلِّبِينَ } مؤدبين، معلمين إياهن لاصطياد { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ } من مقتضيات العقل المفاض لكم بأنواع الحيل إياهن.
وإذا علمتوهن { فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } من صيدهن حلالاً طيباً { وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } أي: وعليكم أن تذكروا اسم الله حين إرسال الجوارح إلى الصيد { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ألاَّ تهلوا على الصيد والذبائح، ولا تحلوها بذكر اسم الله بعدها أمركم به { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لجميع حالاتكم { سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [المائدة: 4] شديد العقاب لمن لم يمتثل بأوامره، ولم يجتنب عن نواهيه.
{ ٱلْيَوْمَ } أي: حين انتشر وظهر دينكم على الأديان كلها { أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ } المذكورة، المحللة فيه { وَ } أيضاً { طَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } أي: اليهود والنصارى وذبائحهم { حِلٌّ لَّكُمْ } في دينكم { وَطَعَامُكُمْ } وإطعامكم أيضاً { حِلٌّ لَّهُمْ } لأنهم من ذوي الملل والأديان { وَ } كذا أحلّ لكم { ٱلْمُحْصَنَـٰتُ } الحرائر، العفائف { مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } أي: نكاحكم إياهن { وَ } كذا { ٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } مهروهن بلا نقص وتكسير.
والحال أنكم { مُحْصِنِينَ } محافظين على حقوق الزوج والنكاح { غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ } مجاهرين بالزنا { وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ } مستترين به { وَمَن يَكْفُرْ } منكم، وينكر { بِٱلإِيمَٰنِ } وبلوازمه، وحدوده الدالة على صحته { فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ } [المائدة: 5] الذي ظلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.