{يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ} مقتضى إيمانكم أن {لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ} توالونهم، وتصاحبونهم، مثل موالاة المؤمنين، ولا تعتمدوا، ولا تثقوا بودادتهم ومودتهم إذ هم {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} متظاهرون متعاونون، ينتهزون الفرضة لمقتدكم {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ} ويعتمد عليهم {مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} من جملتهم، وعدادهم عند الله {إِنَّ ٱللَّهَ} المطلع لضمائر عباده {لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] المجاوزين عن مقتضى أوامر الله، المرتكبين لمناهيه، فكيف لا يكون المتولون معهم من زمرتهم؟!.
{فَتَرَى} أيها الرائي {ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} كفر ونفاق {يُسَارِعُونَ} ويبادرون {فِيهِمْ} في مودتهم ومؤاخاتهم {يَقُولُونَ} معتذرين لكم؛ نفاقاً: {نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} من دوائر الزمان، كان الأمر فيها لهم، والدولة تتوجه نحوههم، فنداريهم ونواليهم؛ خوفاً منها {فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ} والظفر لرسوله؛ ليظهر دينه على الأديان كلها {أَوْ أَمْرٍ} عظيم، نازل {مِّنْ عِندِهِ} يكفي مؤنة كفرهم ونفاقهم {فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ} من بغض رسول الله، والإنكار لرسالته، وتكذيب كتابه {نَادِمِينَ} [المائدة: 52] خائبين، خاسرين.
{وَ} حينئذ {يَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ} وأخلصوا في إيمانهم بعضهم لبعض، مستهزئين لهؤلاء المنافقين: {أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي: أغلظها وأوكدها {إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} مؤمنين بنبيكم؛ مظاهرة لكم في إعلاء كلمة الحق وانتشارها {حَبِطَتْ} واضمحلت {أَعْمَالُهُمْ} إلى حيث لا تفيدهم أصلاً {فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ} [المائدة: 53] خسراناً عظيماً في الدنيا والآخرة.