التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢٩
-الحديد

تفسير الجيلاني

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بالله على مقتضى دين الرسل الماضين - صلوات الرحمن عليهم وسلامه - المبعوثين؛ لتبيين طريق توحيد الصفات والأفعال { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } واحذروا عن بطشه بمخالفة أمره { وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ } المرسل من عنده بطريق التوحيد الذاتي { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } نصيبين { مِن رَّحْمَتِهِ } سبحانه، نصيباً عظيماً لإيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، ونصيباً آخر لإيمانكم لمن قبله من الرسل { وَيَجْعَل لَّكُمْ } سبحانه ببركة إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم { نُوراً } مقتبساً من مشكاة النبوة والرسالة، المخصوص بالحضرة الختمية المحمدية { تَمْشُونَ بِهِ } بذلك النور إلى المحشر { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } سبحانه ببركته ذنوبكم { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [الحديد: 28] لذنوب عباده، يرحمهم ويقبل منهم توبتهم إن أخلصوا فيها.
وإنما يفعل بهم سبحانه ما يفعل من الكرامات المتضاعفة { لِّئَلاَّ يَعْلَمَ } أي: ليعلم يقيناً { أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ } ولا يستطيعون { عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ } وثوابه، بأن يجلبوه بإيمانهم وأعمالهم لو لم يرد سبحانه إتيانه إياهم تفضلاً وإحساناً { وَ } يعلمون أيضاً يقيناً { أَنَّ ٱلْفَضْلَ } المطلق والإنعام والإحسان الكامل { بِيَدِ ٱللَّهِ } وفي قبضة قدرته، وتحت حكمه وحكمته { يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } من عباده إرادةً واختياراً { وَٱللَّهُ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } [الحديد: 29] والطول العميم، والكرم الجسيم على أرباب العناية من عباده.
جعلنا الله من تفضل علينا بمقتضى كرمه وجوده.
خاتمة السورة
عليك أيها المحمدي المترقب للفضل الإلهي وسعة لطفه وجوده أن تلازم على أداء ما افترض عليك من الطاعات والعبادات، وتداوم على الاتصاف بالآداب السنية والأخلاق المرضية المقتبسة من كتاب الله المنزل من عنده؛ لإرشاد منهج الرشاد وعموم السعادات، ومن سنن سيد السادات، وسند أرباب الولاية والكرامات، وتقتفي بآثار السلف المجتازين في مضمار المعارف والمكاشفات المشاهدات، وإياك إياك الالتفات إلى مزخرفات الدنيا وما فيها من اللذات والشهوات العائقة عن التوجه إلى المولى والوصول إلى سدرة المنتهى { وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } [الحديد: 29].