{ٱتَّبِعْ} أنت {مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن} توحيد {رَّبِّكَ} بأن {لاۤ إِلَـٰهَ} أي: لا موجود {إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 106] واتركهم وشركهم بعدما تحققت وتمكنت في مقر التوحيد.
{وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ} الهادي لعباده عدم إشراكهم {مَآ أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} مصرفاً بل مبلغاً منبهاً {وَمَآ أَنتَ} أيضاً {عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [الأنعام: 107] تشفع لهم وتقوم بأمرهم.
{وَلاَ تَسُبُّواْ} أي: لا تذكروا بالمساوئ والمقابح أيها المؤمنون الموحدون أصنام {ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ} ويعبدون، أي: المشركون {مِن دُونِ ٱللَّهِ} إذ هم من جملة المجالي والمظاهر لله مع أنكم إن تسبوهم وآلهتهم {فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ} من غاية جهلهم وحميتهم فتكونوا سبباً لسب الله {عَدْواً} تجاوزاً عن الحق إلى الباطل {بِغَيْرِ عِلْمٍ} بمآله {كَذَلِكَ} أي: مثل تزيننا لكم دينكم وإلهكم وعملكم {زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ} من الأمم {عَمَلَهُمْ} وإلههم سواء كان حقاً أو باطلاً؛ إذ {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] {ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 108] أي: يجازيهم على مقتضى ما عملوا من خير وشر وإيمان وكفر.
{وَ} من غاية نفاقهم واستهزائهم معك يا أكمل الرسل وتهكمهم بما جئت به من الآيات {أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ} أي: مغلظين فيها مؤكدين لها تهكماً {لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ} من مقترحاتهم {لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا} البتة وبك أيضاً {قُلْ} لهم كلاماً خالياً عن وصمة الكذب: {إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ} ونزولها وإنزالها {عِندَ ٱللَّهِ} وبقبضة قدرته وليس في وسعي وطاقتي شيء منها {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} ويظهر لكم أيها المؤمنون الطالبون لإيمان هؤلاء الكفرة، وأنتم تتفرسون من مظاهر حالهم لو تأملتم في شأنهم {أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ} جميع مقتراحتهم {لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 109] بها البتة؛ إذ طبع الله على قلوبهم بالكفر والنفاق.