التفاسير

< >
عرض

وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١١٠
وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
١١١
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
١١٢
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ وَ } كيف يؤمنون بها؛ إذ { نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ } عن الميل إلى الحق مطلقاً { وَأَبْصَٰرَهُمْ } عن إحساس شواهده وعلاماته { كَمَا } قلبناهم حيث { لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ } أي: بما جاء به من الحق { أَوَّلَ مَرَّةٍ } إذ لا تفاوت بين حقية الآيات سواء كانت مقترحة أم لا { وَنَذَرُهُمْ } نمهلهم وندعهم { فِي طُغْيَانِهِمْ } أي: ظلالهم المجاوز عن الحد { يَعْمَهُونَ } [الأنعام: 110] يتحيرون ويترددون إلى أن نأخذهم وننتقم منهم.
{ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } كما اقترحوا { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } من قبورهم وأوصاهم بالإيمان { وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً } كفلاً يرشدونهم إلى الإيمان { مَّا كَانُواْ } ليؤمنوا؛ إذ ختم الله على قلوبهم بالكفر في سابق عمله { لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } إيمانهم أيضاً في قضائه السابق { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } أي: أكثر النار { يَجْهَلُونَ } [الأنعام: 111] عن قضاء الله ومشيئته فيتمنون إيمانهم.
{ وَكَذَٰلِكَ } أي: ومثل ما جعلنا لك يا أكمل الرسل عدواً { جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ } من الأنبياء { عَدُوّاً } يعاديهم { شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ } بالمظاهرة والمعاونة؛ إذ { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ } أي: أباطيله وأراجيفه { غُرُوراً } ليقدموا ضعفاء الأنام على مخاصمة الأنبياء ومعاداتهم، ويظهروا عليه بتغرير بعضهم { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ } إيمانهم { مَا فَعَلُوهُ } أي: هذا الغرور والقول المزخرف المموه، وبالجملة: { فَذَرْهُمْ } وكفرهم { وَمَا يَفْتَرُونَ } [الأنعام: 112] ويزخرفون بسبب غرورهم وزخرفتهم.