التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ
١٢٨
وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٢٩
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ وَ } أذكر يا أكمل الرسل { يَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } أي: جميع ما يتأتى منه الأطاعة ويتوجه إليه التكليف من الثقلين قابلين عليهم منادين لهم: { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ } أي: الشياطين { قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ } أي: استتبعتم بأن أضللتم وأغويتم كثيراً { مِّنَ ٱلإِنْسِ } بإيقاعهم إلى المعاصي والمهالك والخروج عن مقتضى أوامرنا نواهينا، وإغرائهم إلى مستلذات نفوسهم ومتقضيات شهواتهم { وَ } بعدما سمع الإنس هذا النداء { قَالَ أَوْلِيَآؤُهُم } أي: أولياء الجن ومتابعهم { مِّنَ ٱلإِنْسِ } متذللين متحسرين: { رَبَّنَا } يا من ربانا بأنواع اللطف والكرم فكفرناك بمتابعة هؤلاء الغواة فإن ظهر الحق واضمحل الباطل نحن نقر بما جرى بيننا وبينهم { ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } منهم بإغوائهم وإغرائهم إلى خلاف ما أمرتنا عليه بألسنة رسلك، وبعضهم استمتع ببعضنا بالموالاة والمتابعة { وَبَلَغْنَآ } الآن { أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا } على ألسنة رسلك فالآن جئناك خائبين خاسرين { قَالَ } سبحانه من وراء سرادقات العز والجلال: الآن انقرض دار الابتلاء ومضى زمان الاهتداء { ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ } جميعاً؛ أي: تابعيكم ومتبوعيكم مؤبداً { خَٰلِدِينَ فِيهَآ } أبداً { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } وقتاً ينقذهم منها؛ لئلا يتعودوا بعذابها { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ } متقن في أفعاله { عَليمٌ } [الأنعام: 128] بمقدار جزاء العصاة.
{ وَكَذٰلِكَ } أي: مثل قول أولياء الإنس والجن { نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰلِمِينَ } من الإنس { بَعْضاً } منه ليفتضحوا { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [الأنعام: 129] من المظاهر بتغرير بعضهم بعضاً.