{ وَ } من جملة المحرمات التي حرمها الحق عليكم: أن { لاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ } ولا تتصرفوا { إِلاَّ بِ } التصرفات { ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } لليتيم وأحفظ لغبطته من تنمية ماله وحفظه { حَتَّىٰ يَبْلُغَ } اليتيم { أَشُدَّهُ } أي: يسمع من التصرفات الشرعية شرعاً، وحينئذ يسلم إليه بعد تجربته واختباره، { وَ } من جملتها أيضاً: ألا تنقصوا وتخسروا في الكيل والوزن بل { أَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ } أي: بالعدل ولا تنقصوا منهما، وإن كان إبقاؤهما في غاية الصعوبة والعسر، فعليكم أن تبذلوا وسعكم وطاقتمك في تعديلها وإيفائهما مهما أمكن لكم، وما ليس في وسعكم { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } معفو عنكم، { وَ } من جملتها: ألا تميلوا في الأحكام { إِذَا قُلْتُمْ } وحكمتم حال كونكم حاكمين بين الخصمين { فَٱعْدِلُواْ } في الحكومة { وَلَوْ كَانَ } المحكوم عليه أو له { ذَا قُرْبَىٰ } من حميمكم وذوي قرابتكم، وعليكم أيها الحكام ألا تتجاوزوا في الأحكام عما حكم الله به بل { وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ } الحكيم العليم { أَوْفُواْ } وبمقتضى حكمه وحكمه وفوا { ذٰلِكُمْ } المذكور مما { وَصَّـٰكُمْ } الله { بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [الأنعام: 152] رجاء أن تتذكروا وتتعظوا به أيها المتواجهون إلى توحيده.
{ وَ } اعلموا أيها المائلون نحو توحيدي { أَنَّ هَـٰذَا } أي: المذكور في هذه السورة من الأوامر والنواهي والمحرمات والمحللات والأحكام والإشارات والآداب المعاملات { صِرَاطِي } الموصل إلى توحيدي { مُسْتَقِيماً } سوياً بلا ميل واعوجاج { فَٱتَّبِعُوهُ } حتى تفوزوا إليه { وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ } المتفرقة والطرق المختلفة { فَتَفَرَّقَ بِكُمْ } وتضلكم { عَن سَبِيلِهِ } أي: سبيل توحيده الذاتي { ذٰلِكُمْ } أي: اتباع طرق التوحيد مما { وَصَّاكُمْ } الله { بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأنعام: 153] رجاء أن تحذروا بسببه عن سبيل الأهوية الفاسدة والآراء الباطلة المضلة عن طريق الحق وتوحيده.