التفاسير

< >
عرض

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ
١٥٨
إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
١٥٩
مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
١٦٠
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ هَلْ يَنظُرُونَ } أي: ما ينتظرون ويسوفون أمر الإيمان { إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } أي: ملائكة العذاب كما أتوا الأمم الماضية فتلجئهم إلأيه { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } أي: يطلبون إيتان ربك عناداً كما طلب اليهود حين قالوا: { أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً } [النساء: 153] { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ } الدالة على انقضاء النشأة الأولى المسمى بأشراط الساعة، وبالجملة: { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا } لكونها ملجئة إليه حين اضطرارها، ولا عبرة للإيمان حين البأس والإلجاء؛ إذ الإيمان تعبدي برهاني اختياري { لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ } أي: نفساً لم تكن آمنت قبل ظهور المجلئ { أَوْ } لم تكن { كَسَبَتْ } وإن آمنت { فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً } مقبولاً عند الله { قُلِ } للمنتظرين استهزاءاً: { ٱنتَظِرُوۤاْ } إلى ما تخيلتم وتوهمتم { إِنَّا مُنتَظِرُونَ } [الأنعام: 158] أيضاً إلى حلول الوقت المعلوم ونزول العذاب فيه عليكم بكفركم وشرككم.
ثم قال سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } الذي يوصلهم إلى التوحيد الإلهي بلا منازعة ومخالفة { وَكَانُواْ شِيَعاً } أي: صاروا فرقاً مختلفة متحزبة متعصبة ما قال صلى الله عليه وسلم:
"افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية، وافترقت النصارى إلى اثنين واسبعين فرقة كلها في الهاوية إلى واحدة وهي الناجية، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلى واحدة" .
{ لَّسْتَ } يا أكمل الرسل { مِنْهُمْ } أي: من شأنهم وإصلاحهم { فِي شَيْءٍ } بل { إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ } حين عركضوا وحشروا نحوه { ثُمَّ يُنَبِّئُهُم } ويخبرهم { بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [الأنعام: 159] في النشأة الأولى التي هي دار الابتلاء.
وبالجملة: { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } فيها { فَلَهُ } على مقتضى الفضل الإلهي { عَشْرُ أَمْثَالِهَا } امتناناً عليه وجزاء له { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } فيها { فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا } على مقتضى العدل الإلهي { وَهُمْ } في جزاء السيئة { لاَ يُظْلَمُونَ } [الأنعام: 160] بالزيادة؛ إذ لا ظلم في ذلك اليوم.