وإن جادولك واستشهدوا منك شيهداً على نبوتك ورسالتك { قُلْ } لهم إلزاما وتبكيتاً: { أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ } وأتم { شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ } لأن المتعين المتعزز بالعظمة والكبرياء هو { شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَ } شهادته على أنه { أُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ } الجامع للكتب السالفة من عنده { لأُنذِرَكُمْ } وأبشركم { بِهِ } أيها الموجودون في حين نزوله { وَ } كذا { مَن بَلَغَ } له خبر وحيه وحكمه من الأسود والأحمر إذ أرسلت إ لى كافة البرية بشيراً ونذيراً على مقتضى التوحيد الذاتي { أَئِنَّكُمْ } أيها المنهمكون في بحر الضلال { لَتَشْهَدُونَ } بعد وضوح البرهان { أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ } المتوحد بذاته، المستقل بالألوهية { ءَالِهَةً أُخْرَىٰ } مشاركة له في ملكه ووجوده { قُل لاَّ أَشْهَدُ } ما تشهدون ظلماً وزوراً بل { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } متفرد بالألوهية، متوحد بالربوبية، ليس لغيره وجود حتى يشارك معه، بل لا وجود إلا هو، ولا إله سواه { وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 19] إليه من الأظلال الباطلة والتماثيل العاطلة.
ثم قال سبحانه: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } من اليهود والنصارى { يَعْرِفُونَهُ } أي: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بحيلته وأوصافه المذكورة في كتبهم { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ } بلا شائبة شك ووهم { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } من أهل الشرك والتحريف { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 20] به وبنوبته ورسالته عناداً ومكابرة.
{ وَمَنْ أَظْلَمُ } عند الله وأوجب للبطش والانتقام { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } وحرَّف كتابه عناداً { أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ } المنزلة على رسوله المبينة لطريق توحيده مكابرة بلا سند ودليل، ومع ذلك يطلبون ويتوقعون الفوز والفلاح من عنده سبحانه { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } [الأنعام: 21] الخارجون عن مقتضى العقل والنقل، التاركون متابعة من أيده الحق وأرسله إلى الخلق لإشاعة توحيده وتبليغ أحكامه اللائقة بوحدة ذاته وإزاحة الشرك وإزالته بالمرة.