التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
١٩
ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٢٠
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ
٢١
-الأنعام

تفسير الجيلاني

وإن جادولك واستشهدوا منك شيهداً على نبوتك ورسالتك { قُلْ } لهم إلزاما وتبكيتاً: { أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ } وأتم { شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ } لأن المتعين المتعزز بالعظمة والكبرياء هو { شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَ } شهادته على أنه { أُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ } الجامع للكتب السالفة من عنده { لأُنذِرَكُمْ } وأبشركم { بِهِ } أيها الموجودون في حين نزوله { وَ } كذا { مَن بَلَغَ } له خبر وحيه وحكمه من الأسود والأحمر إذ أرسلت إ لى كافة البرية بشيراً ونذيراً على مقتضى التوحيد الذاتي { أَئِنَّكُمْ } أيها المنهمكون في بحر الضلال { لَتَشْهَدُونَ } بعد وضوح البرهان { أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ } المتوحد بذاته، المستقل بالألوهية { ءَالِهَةً أُخْرَىٰ } مشاركة له في ملكه ووجوده { قُل لاَّ أَشْهَدُ } ما تشهدون ظلماً وزوراً بل { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } متفرد بالألوهية، متوحد بالربوبية، ليس لغيره وجود حتى يشارك معه، بل لا وجود إلا هو، ولا إله سواه { وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 19] إليه من الأظلال الباطلة والتماثيل العاطلة.
ثم قال سبحانه: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } من اليهود والنصارى { يَعْرِفُونَهُ } أي: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بحيلته وأوصافه المذكورة في كتبهم { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ } بلا شائبة شك ووهم { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } من أهل الشرك والتحريف { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 20] به وبنوبته ورسالته عناداً ومكابرة.
{ وَمَنْ أَظْلَمُ } عند الله وأوجب للبطش والانتقام { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } وحرَّف كتابه عناداً { أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ } المنزلة على رسوله المبينة لطريق توحيده مكابرة بلا سند ودليل، ومع ذلك يطلبون ويتوقعون الفوز والفلاح من عنده سبحانه { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } [الأنعام: 21] الخارجون عن مقتضى العقل والنقل، التاركون متابعة من أيده الحق وأرسله إلى الخلق لإشاعة توحيده وتبليغ أحكامه اللائقة بوحدة ذاته وإزاحة الشرك وإزالته بالمرة.