التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٢٢
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
٢٣
ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢٤
وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٢٥
وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
٢٦
وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٧
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ وَ } اذكر لهم يا أكمل الرسل { يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } وتجمعهم { جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } استهزاءً وتفيضحاً لهم على رءوس الملأ: { أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } [الأنعام: 22] أنهم آهلة مستحقة للعبودية والإيمان، وتعتقدون أنهم يشفعون لكم وينقذونكم من العذاب؟ ادعوهم لينقذوكم.
{ ثُمَّ } بعدما سمعوا ما سمعوا { لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } وحيلتهم للخلاص { إِلاَّ أَن قَالُواْ } معتذرين مقسمين: { وَٱللَّهِ رَبِّنَا } أنت يا مولانا { مَا كُنَّا } في أنفسنا { مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23] لك غيرك عابدين لسواك.
{ ٱنظُرْ } أيها الرائي { كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } في مقعد الصدق ومحل اليقين { وَ } انظر كيف { ضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [الأنعام: 24] من الشركاء الذين يعتقدونهم شفعاء عند الله يخلصونهم من عذاب الله.
{ وَ } كان { مِنْهُمْ } أي: من هؤلاء المشركين المعتذرين { مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } حين تتلو القرآن ولم يفهموه أنكروه واستهزءا به { وَ } كيف يفهمونه؛ إذ { جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } أغطية وأغشية كراهة { أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } يمنع عن استماعه { وَ } من غاية إنكارهم وعنادهم { إِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ } دالةٍ على توحيد الحق وتمجيده { لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } عناداً ومكابرة { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ } من إفراط عتوهم { يُجَٰدِلُونَكَ } في آيات الله بما لا يليق بها حيث { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } ستراً للحق وترويجاً للباطل: { إِنْ هَـٰذَآ } ما هذا الكلام الذي أتى به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [الأنعام: 25] يسطرونها لتضليل ضعفاء العوام.
{ وَهُمْ } بهذا الطعن والقدح { يَنْهَوْنَ عَنْهُ } أي: يقصدون إضلال المؤمنين المسلمين عن متابعة الرسول والإيمان به { وَ } هم في أنفسهم { يَنْأَوْنَ عَنْهُ } أي: يبعدون عنه عتواً وعناداً { وَإِن يُهْلِكُونَ } أي: ما يهلكون بهذا التضليل والخداع { إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } [الأنعام: 26] أن ضرر إضلالهم وخداعهم لا يتجاوز عنهم؛ لأنهم هم
{ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } [البقرة: 7] في الدنيا والآخرة.
{ وَلَوْ تَرَىٰ } أيها الرائي { إِذْ وُقِفُواْ } أي: حين أشرفوا { عَلَى ٱلنَّارِ } وتحققوا الوقوع والإيقاع فيها عنوة وعنفاً لرأيت أمراً فظيعاً فجيعاً { فَقَالُواْ } حينئذٍ من غاية تفزعهم وتفجعهم متمنين: { يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } على أعقابنا التي كنا فيها { وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا } التي جئنا فيها فكذبناها { وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الأنعام: 27] المصدقين بمن جاءنا بها.