التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ
٤٠
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ
٤١
وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
٤٢
فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ
٤٣
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ
٤٤
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل إمحاضاً للنصح: { أَرَءَيْتَكُمْ } أي: أخبروني صريحاً { إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ } في يوم الجزاء { أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ } التي تحشرون فيها إلى الله تعالى هائمين حائرين { أَغَيْرَ ٱللَّهِ } المنقذ من العذاب، والمنجي من الحيرة والهيما { تَدْعُونَ } أم تدعونه تضرعاً وتلجئون نحوه استعاذة؟ بينوا إليَّ أمركم في حالة اضطراركم { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } [الأنعام: 40] في الأقوال والأخبار.
{ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ } إذ لا ملجأ ولا ملاذ حينئذ إلا هو { فَيَكْشِفُ } عنكم { مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ } من الضرر والبلاء { إِنْ شَآءَ } أي: إن تعلقت مشيئته وإرادته { وَتَنسَوْنَ } حينئذ { مَا تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 41] له من الأظلال الباطلة والتماثيل العاطلة، وقل لهم أيضاً: إذ سمعتم مآل أمركم وعاقبة حالكم وشأنكم، فتضرعوا إلى الله في جميع أحوالكم، والتجئوا نحوه، ومع ذلك لم يقبلوا منك قولك ونصحك البتة لخبث باطنهم.
{ وَ } اعلم أنَّا { لَقَدْ أَرْسَلنَآ } رسلاً من مقام جودنا ولطفنا { إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ } وأيدناههم بآيات ظاهرة ومعجزات باهرة فكذبوهم { فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } [الأنعام: 42] رجاء أن يتضروعوا إلينا ويتلجئوا نحونا فلم يتضرعوا ولم يلتجئوا.
{ فَلَوْلاۤ } هلا { إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ } وما هي من عدم تأثرهم في البأساء والضراء بل يتأثرون منها ويزعجون { وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ } أي: حبب وحسن { لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } [الأنعام: 43] من عدم المبالاة بآيات الله، وتكذيب رسله، والإعراض عن دينه.
{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } من البأساء والضراء ولم يتعظوا بها { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ } ابتلاء وفتنة { أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } نافع وخير وأمهلناهم عليها { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ } أعجبوا { بِمَآ أُوتُوۤاْ } مترفهين متنعمين بطرين مغرورين بالنعم ناسين المنعم بالمرة { أَخَذْنَاهُمْ } بانواع البلاء { بَغْتَةً } فجأة { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } [الأنعام: 44] متحسرون آيسون خائبون محرومون.