التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ
٥٣
وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥٤
وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ
٥٥
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ
٥٦
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } أي: مثلما فتنا بعض الناس ببعض في الأمور المتعلقة بمعاش الدنيا من المال والجاه والرئاسة، فتناهم في أمور دنيهم أيضاً { لِّيَقُولوۤاْ } من غاية استبعادهم واستحقارهم: { أَهَـٰؤُلاۤءِ } الضعفاء الفقراء { مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } قال سبحانه توبيخاً وتقريعاً لهم: بل هم أولئك الفقراء الصابرون على بلاء الله، الشاكرون لنعمائه { أَلَيْسَ ٱللَّهُ } العالم بضمائر عباده { بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ } [الأنعام: 53] الصابرين منهم ومنكم أيها لشرفاء الكافرون لنعمه.
{ وَإِذَا جَآءَكَ } يا أكمل الرسل { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا } ويتمثلون بها بالغداة والعشي وهم يريدون وجهنا { فَقُلْ } لهم قبل تسليمهم: { سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ } أيها المقبولون عند الله الراضون المرضيون وبشرهم بأنه { كَتَبَ } أي: قضى وحبب { رَبُّكُمْ } لأجلكم { عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } الشفقة والرحمة إلى حيث { أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا } به يسيء نفسه عند الله صادراً عنه { بِجَهَٰلَةٍ } لا عند قصد وإصرار { ثُمَّ } بعدما علم وخامة عاقبته { تَابَ مِن بَعْدِهِ } واستغفر ربه { وَأَصْلَحَ } بالتوبة ما أفسد بالجهالة { فَأَنَّهُ غَفُورٌ } يستر تلك المعصية عنكم { رَّحِيمٌ } [الأنعام: 54] يقبل توبتكم بسبب إخلاصكم.
{ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ } ونوضح { ٱلآيَاتِ } ليظهر طريق التوحيد { وَلِتَسْتَبِينَ } ويتميز { سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ } [الأنعام: 55] المنحرفين عن منهج الرشاد ومسلك السداد عن طريق أهل الحق.
{ قُلْ } يا أكمل الرسل للمشركين الذي يعبدون آلهة غير الله: { إِنِّي نُهِيتُ } زجرت وصرفت بالدلائل القاطعة الدالة على توحيد الحق، وبالكشوف والمشاهدات الواردة من عنده سبحانه، الصارفة عن الميل والتوجه إلى الغير والسوى مطلقاً { أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ } وتسمون { مِن دُونِ ٱللَّهِ } آلهة باطلة بأهويتكم الفاسدة { قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ } التي اخترعتموها من تلقاء أنفسكم، وإن ابتعت بمتابعتكم تلك التماثيل العاطلة { قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَ } بعدما ظللت { مَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } [الأنعام: 56] أصلاً؛ أي: في شيء من الهداية كمثلكم.