التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ ٱلْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ
٥٧
قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِٱلظَّالِمِينَ
٥٨
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ
٥٩
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } واضحة { مِّن } معرفة { رَّبِّي } وتوحيده { وَكَذَّبْتُم بِهِ } وبتوحيده، وأشركتم له غيره واستوجبتم العقوبة العظيمة يشرككم، ومع ذلك استهزأتم باستعجال العذاب { مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } من العذاب والنكال { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } أي: ما الحكم إلا له باستعجال العذاب { يَقُصُّ ٱلْحَقَّ } أي: يقضي فيه ويدمغ الباطل { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ } [الأنعام: 57] الحاكمين في الوقائع.
{ قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي } وتحت قدرتي ومكنتي { مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } من نزول العذاب والعقاب { لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } أي: لأهلككم بالمرة وارتفع النزاع { بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } ولكن ليس لي هذه القدرة والمكنة { وَٱللَّهُ } المطلع لسرائر عباده { أَعْلَمُ بِٱلظَّالِمِينَ } [الأنعام: 58] المستوجين للعذاب والنكال بأخذهم بظلمهم تعقلت إرادته.
{ وَعِندَهُ } وتحت قدرته وإرادته { مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ } ومقاليد السرائر والخفيات { لاَ يَعْلَمُهَآ } وأوقات ظهروها من الغيب إلى الشهادة { إِلاَّ هُوَ } إذ هو المحيط بجميع ما كان ويكون، لا يعرب عن علمه شيء، ثم لما كانت الأفهام قاصرة عن إدراك الغيب تنزل عن تلك المرتبة إلى ما هو أقرب إلى الأفهام فقال: { وَيَعْلَمُ } بعلمه الحضوري جميع { مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } من الكائنات والفاسدات، وتنزل منها أيضاً فقال: { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ } من أغصان الشجر { إِلاَّ يَعْلَمُهَا } كيف ينزل، ومن أين ينزل، وإلى أين { وَلاَ حَبَّةٍ } ساقطة { فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ } أي: كموناتها ويروزاتها إلى أن تصل إلى مرتبتها الأصلية التي كانت عليها قبل سقوطها { وَ } بالجملة: { لاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ } من الكوائن والفواسد { إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ } [الأنعام: 59] هو علمه الحضوري المتحد بعينه وذاته الظاهرة في نفسه المظهرة لنفسه؛ إذ لا هو إلا هو، ولا شيء سواه.