التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
٦
وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
٧
وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ
٨
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ أَ } يشكون في نزول العذاب ويترددون و{ لَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ } من أهل القرون الماضية كعاد وثمود وغيرهما مع أنا { مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: قدرناهم فيها قادرين على أمور عظام وآثام جسام { مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ } ولم نجعل في وسعكم من السعة وطول الملك والترفه والاستيلاء { وَ } مع ذلك { أَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ } المطر { عَلَيْهِم مِّدْرَاراً } مغزاراً كثيرة { وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ } دائماً متجدداً، وبالجملة: أمهلناهم زماناً طويلاً متنعمين مترفهين { فَأَهْلَكْنَٰهُمْ } بالمرة { بِذُنُوبِهِمْ } التي صدرت عنهم من تكذيب الأنبياء وما جاءوا به، وإفسادهم في الأرض بأنواع الفسادات { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } [الأنعام: 6].
ولا تبالِ يا أكرم الرسل بتكذيبهم واقتراحاتهم، ولا ترجُ منهم الإيمنا بلك وبكتابك؛ لأنهم من غاية انهماكهم في الضلال.
{ وَلَوْ نَزَّلْنَا } من مقام جودنا { عَلَيْكَ كِتَٰباً } مكتوباً { فِي قِرْطَاسٍ } ورق { فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } حين نزوله { لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من خبث باطنهم وجهلهم الجبلي { إِنْ هَـٰذَآ } أي: ما هذا { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [الأنعام: 7] عظيم ظاهر؛ لأن الورق لا تنزل من جانب السماء إلا بسحر.
{ وَقَالُواْ } من غاية شقاقهم ونفاقهم معك: إن كان نبياً { لَوْلاۤ } هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } ويصدقه بنبوته فنصدقه، قل لهم في جوابهم نيابة عنا: { وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً } على مقتضى سنتنا في الأمم الماضية { لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ } أي: لتحقق أمر إهلاكهم البتة { ثُمَّ } بعد نزول الملك بل تعذبون كالأمم السالفة { لاَ يُنظَرُونَ } [الأنعام: 8] ولا يمهلون ساعة ولينكرون ويعذبون البتة.