{قُلْ} لهم يا أكمل الرسل تعليماً لمن اتبعك: {أَنَدْعُواْ} ونعبد {مِن دُونِ ٱللَّهِ} الخالق الرزاق الفاعل المختار {مَا لاَ} يقدر على جلب ما {يَنفَعُنَا وَلاَ} على دفع ما {يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ} بعبادته {عَلَىٰ أَعْقَابِنَا} التي كنا عليه من الشرك والعصيان {بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ} بنور التوحيد والعرفان؟ {كَٱ} الشخص {لَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ} أي: ذهبت به {ٱلشَّيَاطِينُ} والأغوال وطرحه {فِي ٱلأَرْضِ} أي: المهاوي والمهامه {حَيْرَانَ} قلقاً حائراً تائهاً، وكان {لَهُ أَصْحَابٌ} ورفقة {يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى} أي: الطريق الواضح المستقيم صائحاً عليه قائلاً: {ٱئْتِنَا} حتى تهتدي إلى الطريق، ونحن فيها، لم يسمع كلامهم ولم يقبل قولهم، واقفتى أثر الغول المغوي حتى يضل ويهلك {قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ} الهادي لعباده إلى توحيده الذاتي {هُوَ ٱلْهُدَىٰ} أي: مقصور على الإسلام الموصل إليه {وَأُمِرْنَا} أيضاً من عنده بمقتضى توحيده الذاتي {لِنُسْلِمَ} ونفوض جميع أمورنا {لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71] إذ هو مستقل بتربية مظاهره؛ لأنه لا يجزي في ملكه إلا ما يشاء.
{وَ} أمرنا أيضاً {أَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ} وأديموا الميل والتقرب نحوه {وَٱتَّقُوهُ} من سخطه وغضبه بارتكاب منهياته {وَ} اعلموا أنه {هُوَ} الموجد المظهر {ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ} لا إلى غيره من العكوس والأظلال {تُحْشَرُونَ} [الأنعام: 72] ترجعون.
كيف لا {وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ} أي: أوجدهما وأظهرهما ملتبساً {بِٱلْحَقِّ} على مقتضى الحكمة المتقنة التي ما ترى فيها من فطور وفتور {وَ} ذلك {يَوْمَ} حين {يَقُولُ} بعد تعلق إرادته ومشيئته بتكوينهما {كُن فَيَكُونُ} على الفور بلا تراخٍ ومهلة تنفيذاً لسرعة قضائه {قَوْلُهُ} لإعدامها أيضاً في الساعة {ٱلْحَقُّ} المطابق للواقع بلا تخلف {وَ} كيف يتصور التخلف في قوله؛ إذ {لَهُ} لا لغيره {ٱلْمُلْكُ} أي: المظاهر كلها وله التصرف فيها بالاستقلال إيجاداً وإعداماً {يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ} لإعدام ما في الوجود وإفنائها إظهاراً لقدرته؛ إذ هو {عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ} وما يجري فيها {وَٱلشَّهَٰدَةِ} وما يترتب عليها {وَهُوَ} بذاته {ٱلْحَكِيمُ} في إبداء مظاهره من الغيب {ٱلْخَبِيرُ} [الأنعام: 3] بما ترتب عيليها في الشهادة بعد إعادتها.