التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
١٠
تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
١١
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٣
-الصف

تفسير الجيلاني

ثمَّ قال سبحاه بعدما أشار إلى ظهور دين الإسلام، وإعلاء كلمة التوحيد حثاً على المؤمنين، وترغيباً لهم إلى ترويج الدين القويم الذي هو الصراط المستقيم، الموصل إلى مرتبة حق اليقين: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الصف: 10] كأنه قيل: ما التجارة المنقذة المنجية؟.
قال سبحانه: { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } لترويج دينه، وإعلاء كلمة توحيده { بِأَمْوَالِكُمْ } ببذلها في الخطوب { وَأَنفُسِكُمْ } بالاقتحام على الحروب { ذَلِكُمْ } الذي ذُكر من الإيمان والجهاد { خَيْرٌ لَّكُمْ } ونفعه عائد إليكم { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [الصف: 11] ما هو أصلح لكم، وأنفع في نشأتكم الأولى والأخرى.
وإن تؤمنوا بالله، وتصدقوا رسوله، وتجاهدوا في سبيله { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } التي أتيتم بها قبل ذلك { وَ } بعدما نغفر ذنوبكم { يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ } منتزهات العلم والعين والحق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي: أنهار المعارف والحقائق المترشحة من بحر الحياة التي هي حضرة العلم الإلهي { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً } من الحالات والمقامات السنيَّة، والدرجات العليَّة { فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } التي هي المعرفة واليقين مصونة عن شوب الشرك، وريب الحسبان والتخمين { ذَلِكَ } الستر والإدخال هو { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [الصف: 12] والفضل الكريم على أرباب المعرفة واليقين من الله العزيز العليم.
{ وَ } لكم أيها المعتبرون المجاهدون عنده سبحانه نعمة { أُخْرَىٰ } من النعم التي { تُحِبُّونَهَا } وهي { نَصْرٌ } نازل { مِّن ٱللَّهِ } العزيز الحكيم عليكم، إلى حيث يغلبكم على عموم أعدائكم { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } في العاجل { وَ } بالجملة: { بَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الصف: 13] المجاهدين يا أكمل الرسل بأنواع البشارات الدنيوية والأخروية.