ثمَّ قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة تعقيب الوعد بالوعيد: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ } الدالة على وحدة ذاتنا، وكمالات أسمائنا وصفاتنا { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون { أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ } وملازموها { خَٰلِدِينَ فِيهَا } لا نجاة لهم منها { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [التغابن: 10] مصير أهل النار، أعاذنا الله وعموم عباده منها.
ثمَّ قال سبحانه على سبيل التقرير والتثبيت لأرباب المعرفة والإيقان على جادة التفويض والتكلان: { مَآ أَصَابَ } على من أصاب وما أصاب { مِن مُّصِيبَةٍ } أي: حادثة مفرحة أو مؤلمة { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } وبمقتضى إرادته وتقديره { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ } ويفوّض أمره إليه، ويأخذه وكيلاً، ويجعله حسيباً وكفيلاً { يَهْدِ قَلْبَهُ } وينور خلده، ويبصره على أمارات التوحيد وعلامات اليقين { وَ } بالجملة: { ٱللَّهُ } المطلع على عموم ما غاب، وشهد { بِكُلِّ شَيْءٍ } دخل في حيطة قدرته { عَلِيمٌ } [التغابن: 11] بعمله الحضوري بحيث لا يعزب عنه شيء مطلقاً.
{ وَ } بالجملة: { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } المبلغ لكم طريق الهداية والرشاد، المبين لكم سبيل السلام والسلامة والنجاة في يوم المعاد { فَإِن تَولَّيْتُمْ } وأعرضتم عن دعوته بعد تبليغه وإرشاده فلا بأس عليه { فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا } بمقتضى وحينا وأمرنا { ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [التغابن: 12] الظاهر والواضح.
وبد تبليغه عن وجهه لم يبق عليه شيء، وعلينا حسابكم وعذابكم.
وكيف يتأتى منكم الإعراض أيها المعرضون المبطلون، مع أنه { ٱللَّهُ } الواحد الأحد، المستقل بالألوهية والربوبية { لاَ إِلَـٰهَ } أي: موجود في الوجود { إِلاَّ هُوَ } بتوحيده واستقلاله { وَعَلَى ٱللَّهِ } لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [التغابن: 13] في عموم حوائجهم ومهماتهم.