ثم قال سبحانه: {سَأَصْرِفُ} أي: أميل وأغفل {عَنْ آيَاتِي} الظاهرة في الآفاق والأنفس الدالة على توحيدي واستقلالي في التصرفات الكائنة في الآفاق، القوم {ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ} ويمشون خيلاً {فِي ٱلأَرْضِ} ويظلمون فيها {بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ} لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم {وَ} هم من نهاية جهلهم المركوز في جبلتهم {إِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ} دالة على الصدق والصواب {لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا} عتواً وعناداً {وَ} بالجلمة {إِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ} الصدق والصواب {لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} لعدم موافقة طباعهم {وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ} والضلال {يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} لميل نفوسهم نحوه بالطبع، كل {ذٰلِكَ} أي: الصرف والانحراف والأهواء الباطلة والآراء الفاسدة {بِأَنَّهُمْ} من غاية انهماكهم في الضلال {كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} الدالة على توحيدنا المنزلة على رسلنا { وَكَانُواْ} من غاية جهلهم {عَنْهَا} وعن الامتثال بها والعمل بمقتضاها والتدبير في معناها {غَافِلِينَ} [الأعراف: 146] غفلة لا تيقظ لهم منها أصلاً، نبهنا بلطفك عن نومة الغالفين.
{وَ} بالجملة: {ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} الظاهرة عن أوصافنا الذاتية في النشأة الأولى {وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ} أي: كذبوا برجوع الكل إلينا في النشاة الأخرى، أولئك الأشقياء المردودون هم الذين {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} وضاعت وخسروا فيها في الأولى والأخرى {هَلْ يُجْزَوْنَ} بإحباط الأعمال {إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 147] أي: جزاء ما يقترفون ويكتسبون لأنفسهم من تكذيب الآيات والرسل المنبهين لها المبينين لمقتضاها.