التفاسير

< >
عرض

قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ
٧١
فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ
٧٢
-الأعراف

تفسير الجيلاني

ثم لما أيس هو من هدايتهم وصلاحهم { قَالَ قَدْ وَقَعَ } وجب وحق { عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ } عذاب شديد تضطرون به { وَغَضَبٌ } نازل من عنده بحيث يستأصلكم بالمرة { أَتُجَٰدِلُونَنِي } أيها المغضوبون بغضب الله { فِيۤ أَسْمَآءٍ } أشياءٍ { سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ } من تلقاء أنفسكم آلهة تعبدونها كعبادة الله مع أنه { مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } حجةٍ وبرهانٍ تستدلون بها على عبادة هؤلاء التماثيل العاطلة والمفتريات الباطلة وبعدما ظهر الحق فلم تقبلوا أيها المسرفون { فَٱنْتَظِرُوۤاْ } نزول العذاب { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ } [الأعراف: 71].
روي أنهم كانوا يعبدون الأصنام: فلما بُعث إليهم هود كذبوه وأصروا على ما هم عليه عتواً وعناداً التماثيل العاطلة، فأمسك الله القطر عنهم ثلاث سنين حتى جهدهم، وكان من عادتهم إذا نزل عليهم البلاء توجهوا نحو البيت الحرام، وتقربوا عندها وطبوا من الله الفرج: فجهزوا إليها قيل بن عنز، ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم، وكان إذ ذاك بمكة العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وسيدهم معاوية بن بكر، فلما قدموا عليه وهو بظاهر مكة أنزلهم وأكرمهم، فلبثوا عنده شهراً، ثم قصدوا البيت ليدعوا.
قال مرثد: والله لا يسقون بدعائكم، ولكنكم إن أطعتم نبيكم وتبتم إلى الله لأسقيتم، فقالوا لمعاوية: احبس منا مرثداً لا يقدمن معنا مكة، فإنه قد اتبع دين هود، وترك ديننا، فحبسه ثم دخلوا مكة.
فقال قيل: الله اسق ما كنت تسقيهم، فأنشأ الله سحابات ثلاث: بيضاء وحمراء وسوداء، ثم نادى منادٍ من جانب السماء: اختر يا قيل لنفسك ولقومك منها، قال: اخترت السوداء؛ لأنها أكثرهن ماء، فخرجت على عادٍ من وادي المغيث، فاستبشروا بها واستعجلوا لنزولها، وقالوا: هذا عارض ممطرنا، بل ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، فجاءتهم ريح عقيم فأهلكتهم.
{ فَأَنجَيْنَاهُ } أي: هوداً { وَٱلَّذِينَ } آمنوا { مَعَهُ بِرَحْمَةٍ } نازلة { مِّنَّا } لإيمانهم وانقيادهم { وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } بأن استأصلناهم { وَ } هم { مَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 72] بنبينا وكتابنا، ولا من شأنهم التصديق.