{ وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ } من العدالة الصورية والمعنوية { وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ } عناداً واستكباراً { فَٱصْبِرُواْ } وانتظروا { حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ } يمقتضى عدله { بَيْنَنَا } أي: بين الفريقين بالنصر على من آمن والقهر على من كفر واستكبر { وَهُوَ } سبحانه في ذاته { خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } [الأعراف: 87] يحكم بمقتضى حكمته المتقنة المتفرعة على العدالة الحقيقية.
وبعدما سمعوا منه ما سمعوا { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } على وجه المبالغة والتأكيد وعدم المبالاة: { لَنُخْرِجَنَّكَ } البتة { يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ } وصدقوا قولك { مِن قَرْيَتِنَآ } كرهاً وإجلاً { أَوْ لَتَعُودُنَّ } أنت ومن معك { فِي مِلَّتِنَا } التي كنتم عليها من قبل { قَالَ } عليه لسلام مستبعداً مستنكراً: { أَوَلَوْ كُنَّا } في الأيام السالفة أيضاً { كَارِهِينَ } [الأعراف: 88] منكرين ملتكم التي أنتم عليها، فتعيدوننا إليها، وكيف نعود؟!
{ قَدِ ٱفْتَرَيْنَا } البتة { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا } وصرنا { فِي مِلَّتِكُمْ } سيما { بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ } المنجي لعباده عن ظلمة الكفر { مِنْهَا } وألهمنا بطلان ما أنتم عليه { وَ } بالجملة: { مَا يَكُونُ } يجوز ويصح { لَنَآ أَن نَّعُودَ } ونرجع { فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } عودنا ومصيرنا إليه؛ إذ هو { رَبُّنَا } يربينا بلطفه بما هو خير لنا، وإن كان فيها خيراً بعيدنا إليها؛ إذ { وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } تحققاً وحضوراً لذلك { عَلَى ٱللَّهِ } لا على غيره من الأسباب { تَوَكَّلْنَا } في جميع ما جرى علينا، واتخذناه، وكيلاً لجميع أمورنا { رَبَّنَا } يا من ربانا بأنواع اللطف والكرم { ٱفْتَحْ } واقض على ما جرى عليه حكمك وقضاؤك { بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع والموافق لما ثبت في لوح القضاء { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } [الأعراف: 89] الحاكمين بين ذوي الخصومات.