التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً
١٩
إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً
٢٠
وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً
٢١
إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ
٢٢
ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ
٢٣
وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ
٢٤
لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ
٢٥
وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
٢٦
وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ
٢٧
إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ
٢٨
وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
٢٩
إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
٣٠
-المعارج

تفسير الجيلاني

وبالجملة: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ } المجبول على الكفران والنسيان { خُلِقَ هَلُوعاً } [المعارج: 19] شديد الحرص، قليل الصبر، طويل الأمل.
بحيث { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ } أي: الضر والسوء صار { جَزُوعاً } [المعارج: 20] يكثر الجزع، ويلح في كشف الأذى.
{ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ } أي: الفرح والسرور، والسعة والحضور صار { مَنُوعاً } [المعارج: 21] يبالغ في البخل الإمساك.
وهؤلاء كلهم هلكى في تيه الحرص والأمل، وقلة التصبر على البلوى، وكمال التكبر عند السراء { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } [المعارج: 22] المائلين المتوجيهن إلى الله في عموم الأحوال بمقتضى الرضا والتسليم، قانعين بما وصل إليهم من الإحسان والتكريم، صابرين على ما أصابهم من العليم، منفقين في سبيل الله مما استخلفهم عليه من الرزق الصوري والمعنوي طلباً لمرضاة الله، وهرباً عن مساخطه.
{ ٱلَّذِينَ هُمْ } من كمال تحننهم وشوقهم إلى الله { عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ } وميلهم نحوه { دَآئِمُونَ } [المعارج: 23] ملازمون بحيث لا تلهيهم تجارةً ولا بيع عن ذكر الله.
{ وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ } المنسوبة إليهم، المسوقة لهم { حَقٌّ مَّعْلُومٌ } [المعارج: 24] كالزكاة والصدقات المؤقتة وغير المؤقتة.
{ لِّلسَّآئِلِ } الذي يسأل ويفشي فقره { وَٱلْمَحْرُومِ } [المعارج: 25] الذي لا يسأل ولا يفشي، بل من كمال صيانته وتحفظه واستغنائه يُحسب من الأغنياء من كمال التعفف لذلك يحرم.
{ وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ } ويعتقدون { بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } [المعارج: 26] تصديقاً مقارناً بصوالح الأعمال، ومحاسن الشيم والأخلاق.
{ وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم } عاجلاً وآجلاً { مُّشْفِقُونَ } [المعارج: 27] خائفون وجلون، وكيف لا يشفقون؟!
{ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } [المعارج: 28] أي: من شأن المؤمن: ألاَّ يأمن من عذاب الله وإن بالغ في طاعته وعبادته على وجه الإخلاص.
{ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } [المعارج: 29] لا يتجاوزون عن الحدود الإلهية.
{ إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } من السراري { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [المعارج: 30] عليهن، إلاَّ أن المؤمن المخلص لو لم يبالغ في إتِّباع الشهوات المباحة أيضاً لكان له خيراً كثيراً، وأجراً عظيماً.