التفاسير

< >
عرض

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ
٥٤
إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٥٥
ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ
٥٦
-الأنفال

تفسير الجيلاني

إذ دأب هؤلاء المسرفين المغيرين على ما هم عليه من المظاهرة والوفاق، والأخوة والقرابة { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } خلوا { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } على ديدنتهم وسنتهم { كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ } كهؤلاء المكذبين { فَأَهْلَكْنَاهُمْ } وأستأصلناهم { بِذُنُوبِهِمْ } أي: بشؤم ذنوبهم بأنواع العذاب بالطوفان والريح، والخسف والكسف { وَ } لا سيما { أَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ } المسرفين المبالغين في العتو والاستكبار في اليم؛ لاستغراقهم في بحر الغفلة والضلال { وَكُلٌّ } من أولئك الطغاة وهؤلاء الغواة { كَانُواْ ظَالِمِينَ } [الأنفال: 54] أنفسهم بالخروج عن ربقة العبودية ورق الإطاعة والانقياد؛ لذلك جزيناهم بما جزيناهم وهل نجازي إلا الكفور؟!.
ثمَّ قال سبحانه تسجيلاً عليهم بالكفر والضلال: { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ } الحكيم المظهر المتقن في إظهارها { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله وآياته ورسله، وأصروا عليه بلا تمايل منهم إلى الإيمان؛ لرسوخهم فيه { فَهُمْ } من خبث طينتهم { لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنفال: 55] أي: لا يرجى منهم الإيمان أصلاً.
عبَّر سبحانه عنهم بلفظ الدواب؛ لانخلاعهم عن مقتضى الإنسانية الذي هو الإيمان والمعرفة مطلقاً فلحقوا بالبهائم، بل أسوأ حالاً منها، لذلك قال سبحانهك
{ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ } [الأنفال: 22، 55].
وإنما صاروا من شر الدواب؛ لأنهم { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ } يا أكمل الرسل وأخذت مواثيقهم مراراً { ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } وما هي إلا من شدادتهم وخباثة طينتهم، وعدم فطنتهم لحكمة المعاهدة والمواثيق { وَهُمْ } من تركب جهلهم { لاَ يَتَّقُونَ } [الأنفال: 56] ولا يتركون الغدر والنفاق، ولا يوفون بالعهد والميثاق.