التفاسير

< >
عرض

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ
٩
وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
١٠
إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ
١١
-الأنفال

تفسير الجيلاني

اذكروا أيها المؤمنون فضل الله عليكم ورحمته { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } حين اقتحم العدو وأنتم عزل قلائل، وهم متكثرون ذو عدد وعدد { فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ } ربكم مغيثاً قالاً لكم على لسان نبيكم: { أَنِّي } بحولي وقوتي { مُمِدُّكُمْ } أي: معينكم ومغنيكم { بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } [الأنفال: 9] على عددكم، يضربونهم من ورائهم، وأنتم من قدامهم.
{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } أي: إمدادكم أيها المؤمنون بملائكة السماء { إِلاَّ بُشْرَىٰ } لك بفضلكم وكرامتكم عليهم { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } في جميع ما وعدكم الله به { وَ } اعلموا أيها المتحققون بمقام التوحيد { مَا ٱلنَّصْرُ } والغلبة والظفر { إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } القادر المقتدر على كل ما أراد واختار { إِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز برداء العظمة والجلال { عَزِيزٌ } غالب على جميع مقدوراته ومراداته { حَكِيمٌ } الأنفال: 10] متقن في جميع أحكامه ومأموراته يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
اذكروا أيها المؤمنون فضل الله عليكم وامتنانه { إِذْ يُغَشِّيكُمُ } ويغلب عليكم بلطفه { ٱلنُّعَاسَ } أي: النومة؛ إزالةً لرعبكم حين كنتم في سهر من خوف العدو؛ لتكون { أَمَنَةً } نازلة { مِّنْهُ } لتستريحوا وتطمئن قلوبكم { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً } حين كنتم مجنبين بإغواء الشيطان وعدوكم على الماء، والشيطان يعيركم بجنابتكم، ويوسوس عليكم بأنكم تدعون الإمامة والولاية؟ كيف تخرجون غداً تجاه العدو وأنتم مجنبين ودعواكم أن القتال والجهاد من اشرف العبادات؟ وبأمثال هذه الهذايانات يوقع بينك الفتنة؛ لتقعدوا عن القتال، وأنتم أيضاً مضطربون بما معكم عليه من الجنابة، أنزل الله عليكم المطر { لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ } أي: بالماء، أبدانكم عن الجنابة الصورية، كما طهر قلوبكم بماء العلم اللدني ورشحات التوحيد من الجنابة المعنوية التي هي الكفر والنفاق.
{ وَ } بالجملة: { يُذْهِبَ عَنكُمْ } بإنزال المطر { رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ } أي: وسوسته وإيقاعه، ونخويفه من العطش وغيرها { وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ } بإنزاله، إنه سبحانه يعين عليكم وينصركم حين اضطراركم؛ ليزداد وثوقكم به وبنصره، وعونه وإنجاز وعده { وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } [الأنقال: 11] أي: بهذا الربط، أقدامكم على جادة التوحيد والتوكيل إلى الله، والتفويض نحوه في جميع الأمور.