التفاسير

< >
عرض

وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ
١٠
ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ
١١
فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ
١٢
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
١٣
إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ
١٤
فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ
١٥
وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ
١٦
-الفجر

تفسير الجيلاني

{ وَفِرْعَوْنَ } الطاغي الباغي { ذِى ٱلأَوْتَادِ } [الفجر: 10] أي: ذي العسكر الكثير، المشتمل على المضارب والخيام، المشتملة على الأوتاد والأطناب.
وهؤلاء المذكورين هم: { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } [الفجر: 11] واستكبروا على ضعفاء العباد اتكالاً بما عندهم من المَّال والجاه والثروة والسيادة.
{ فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } [الفجر: 12] أي: أنواع الكفر والظلم والعناد.
وبعدما بالغوا في الفساد والإفساد { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } [الفجر: 13] أي: نوعاً من العذاب، كأنه يصب عليهم ويمطر كالمَّاء من السحاب، وهو كناية عن ترادف موجات الهلاك وتتابعها، وبالجملة: أهلكهم بأشد العذاب وأكثره.
ثمَّ قال سبحانه مخاطباً لحبيبه صلى الله عليه وسلم، منبهاً له على كمال قدرته على انتقام عصاة عباده: { إِنَّ رَبَّكَ } الذي ربَّاك على كمال المعرفة واليقين { لَبِٱلْمِرْصَادِ } [الفجر: 14] أي: مراقب محافظ لطرق عباده، يرقبهم سبحانه كيف يسلكون نحوه: هل ي سبيل الضلال والفساد، أم في طريق الهداية والرشاد؟ مع أن الكل مجبول على فطرة التوحيد لكن الحكمة الإلهية تقتضي الابتلاء والاختبار.
{ فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ } المذبذب بين الإحسان والكفران { إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ } اختبره وجربه { رَبُّهُ } بالغنى واليسر { فَأَكْرَمَهُ } بالجاه والثروة { وَنَعَّمَهُ } بالأموال والأولاد { فَيَقُولُ } شكراً لمَّا وصل إليه من النعم ومقتضيات الكرم: { رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } [الفجر: 15] وتفضل عليّ بما أعطاني من الخير والحسنى.
{ وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ } ربه بالفقر والعسر بعد اليسر { فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } وقصر على قدر كفايته وحاجته وقوت يومه، بحيث لم يزد على مؤنة معاشه { فَيَقُولُ } مشكياً إلى الله باثاً للشكوى عنده سبحانه: { رَبِّيۤ أَهَانَنِ } [الفجر: 16] وأذلني، حيث لم يعط لي ما أعطى لفلان وفلان، مع أن الفقر خير من الغنى؛ إذ الفقر لو قرن بالتسليم والرضا لأدى صاحبه إلى جنة المأوى وملك لا يبلى، والغنى لو لم يقرن بالشكر والإنفاق والإحسان لأدى صاحبه إلى دركات الجحيم وأودية النيران.