التفاسير

< >
عرض

وَٱلْفَجْرِ
١
وَلَيالٍ عَشْرٍ
٢
وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ
٣
وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ
٤
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ
٥
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ
٦
إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ
٧
ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ
٨
وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ
٩
-الفجر

تفسير الجيلاني

{ وَٱلْفَجْرِ } [الفجر: 1] أي: وحق انفلاق صبح السعادة المتنفس بأنفاس الرحمانية المتلألئ من سماء العماء وأفق عالم الأعلى اللاهوتي.
{ وَلَيالٍ عَشْرٍ } [الفجر: 2] أي: ويحق ليالي الحواس العشر، المقبلة إلى الإدبار والانمحاء عند انجلاء الفجر اللاهوتي وصبح العماء الذاتي.
{ وَٱلشَّفْعِ } أي: شفع الملوين الجديدن، وارتفاعهما عن العين وانمحائهما عن البين { وَٱلْوَتْرِ } [الفجر: 3] أي: الوجود الوحداني، المطلق، المنزه عن التعدد والتكثر مطلقاً في ذاته.
{ وَٱلَّيلِ } أي: ليل العدم المظلم في ذاته { إِذَا يَسْرِ } [الفجر: 4] وذهبت ظلمته بامتداد أظلال الوجود وشروق شمس الذات عليه.
{ هَلْ } يحتاج { فِي ذَلِكَ } أي: في كل واحد من المقسمات العظيمة الشأن { قَسَمٌ } ويمين يؤكدهما { لِّذِى حِجْرٍ } [الفجر: 5] عقل فطري خالص عن شوب الوهم والخيال، خال عن مزاحمة مطلق الإلف والعادات الحاصلة من الرسوم والتقليدات، الناشئة من ظلمَّات الطبيعة.
وبالجملة: أقسم سبحانه بحق هذه المقسمات الرفيعة القدر والمكان أنه سبحانه يعذب أصحاب الزيغ والضلال، المقيدين بسلاسل الحرس وأغلال الآمال في الدنيا بشهوات الإمكان، وفي الآخرة بدركات النيران؛ يعني: كفار مكة خذلهم الله.
استبعدت يا أكمل الرسل تعذيبنا إياهم وانتقامنا عنهم { أَلَمْ تَرَ } أي: ألم تعلم ولم تخبر بالتواتر الموجب للجزم واليقين { كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } [الفجر: 6] يعني: كذي أهل عاداً.
{ إِرَمَ } اسم لبنائهم وبلدهم { ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } [الفجر: 7] أي: الأساطين الطوال شديدة الأساس، رفيعة السمك، عريضة الجدار.
{ ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ } ولم يوجد { مِثْلُهَا } أي: مثل بنائهم وبلدهم { فِي ٱلْبِلاَدِ } [الفجر: 8] في الإحكام والرفعة وأنواع النزاهة واللطافة، وهم كانوا أكثر الناس أعماراً وأولاداً وأموالاً وجاهاً وثروة بأضعاف هؤلاء المسرفين المفسدين، فأهلكهم سبحانه واستأصلهم بعدما أفرطوا في أطوارهم الخارجة عن حد الاعتدال { وَثَمُودَ } يعني: كيف فعل بثمود أيضاً ما فعل من الهلاك، مع أنهم { ٱلَّذِينَ جَابُواْ } قطعوا ونقبوا { ٱلصَّخْرَ } أي: صخور الجبال { بِٱلْوَادِ } [الفجر: 9] أي: بواد القرى، واتخذوا فيها بلاداً حصينة منيعة من شدة قدرتهم وقوتهم، مع ذلك أهلكهم سبحانه.