التفاسير

< >
عرض

فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَإِخْوَٰنُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَنُفَصِّلُ ٱلأيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
١١
وَإِن نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ
١٢
أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ
١٣
-التوبة

تفسير الجيلاني

{ فَإِن تَابُواْ } ورجعوا إلى الإيمان بعدما بالغوا في العناد والاستكبار { وَ } بعد رجوعهم { أَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } المصفية لبواطنهم عن الميل إلى غير الحق { وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ } المطهرة لظواهرهم عمَّا يشغلهم عن الحق { فَإِخْوَٰنُكُمْ فِي ٱلدِّينِ } أنتم وهم سواء في سلوك طريق الحق والرجوع إليه { وَ } إنما { نُفَصِّلُ } ونوضح { ٱلأيَـٰتِ } الدالة على توحيدنا { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [التوبة: 11] ويصلون إلى مرتبة اليقين العلمي، ويريدون الترقي منها إلى اليقين العيني والحقي.
{ وَإِن نَّكَثُوۤاْ } ونقضوا { أَيْمَانَهُم } ونبذوا عهودهم { مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ } وراء ظهورهم { وَ } مع ذلك { طَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ } بتصريح التكذيب والتقبيح في الأحكامن والمعتقدات، والطاعات والعبادات { فَقَاتِلُوۤاْ } أيها الغزاة المرابطون قلوبكم مع الله ورسوله { أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ } أي: صناديدهم ورؤساءهم؛ لأنهم ضالون مضلون، وإن تفوهوا بالعهد والميثاق لا تبالوا بهم وبعهودهم { إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ } أصلاً؛ لتخمير طينتهم على الشرك والشقاق { لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } [التوبة: 12] وينتبهون؛ أي: سفلتهم الضالون عمَّا عليه رؤساؤهم المضلون بعد انقراضهم.
ثمَّ قال سبحانه تحريضاً للمؤمنين على القتال على وجه المبالغة: { أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَ } بعد نقضهم الأيمان والعهود { هَمُّواْ } أي: قصدوا واهتموا { بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ } من مكة { وَ } الحال أنه { هُم } قوم { بَدَءُوكُمْ } بالمعاداة والمخاصمة { أَوَّلَ مَرَّةٍ } في بدء الإسلام حين تحدوا مع رسول الله بالمعارضة فأفحموا، والتجأوا إلى المقارعة والمشاجرة { أَتَخْشَوْنَهُمْ } منهم أيها المؤمنون في مقاتلتهم أن يحلقكم مكروه من جانبهم أم تداهنون معهم وتضعفون عنهم؟! وإن خشيتم عن لحقوق المكروه وعروض المنكر { فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ } لأنه قادر على وجوه الانتقامات، فعليكم أن تخشوا من الله ومخالفة أمره وحكمه { إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ } [التوبة: 13] بالله وبأوامره ونواهيه.