{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ} بالله ورسوله، وتحققوا وتيقنوا {إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ} الموسوسين لضعفاء العوام، الملبسين لهم طريق الحق بالتغديرات المبتدعة من تلقاء نفوسهم، كالشيخوخة التي ظهرت في زماننا هذا، إنما غرضهم ومعظم مأمولهم {لَيَأْكُلُونَ} ويأخذون {أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ} المنحطين عن زمرة أهل التحقيق {بِٱلْبَاطِلِ} أي: بتزويج الباطل الزائغ الذي ابتدعوها بلا مستند لهم.
{وَيَصُدُّونَ} أي: يصرفون ويضلون أباطيلهم وتلبساتهم ضعاء الأنام {عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} الذي هو الإسلام تلبيساً عليهم وتغريراً لهم؛ ليأخذوا الرضى منهم ويكنزوها {وَ} لم يعلموا أن {ٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ} أي: يجعلونها مخزوناً محفوظاً من أي ملة كانوا {وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ} طلباً لمرضاته {فَبَشِّرْهُمْ} يا أكمل الرسل {بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] مؤلم مفزع.
اذكر لهم {يَوْمَ يُحْمَىٰ} أي: حين توقدون وتحرقون {عَلَيْهَا} أي: على تلك الذهب والفضة المخزونة المحفوظة نار، مع أنها موضوعة {فِي نَارِ جَهَنَّمَ} وهذا مبالغة لشدة احمائه، وبعدما حميت إلى أن صارت جذوة نار {فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ} ليوسموا بها ويعلموا على رءوس الأشهاد جزاء ما افتخروا بها في النشأة الأولى {وَجُنوبُهُمْ} ليتألموا بها أشد تألم، بدل ما يتلذذون بها أشد تلذذ {وَظُهُورُهُمْ} بدل ما يستظهرون بها ويتعاونون بسببها، ويقال حين كيهم وتعذيبهم: {هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ} وخزنتم {لأَنْفُسِكُمْ} لتتنعموا بها وتسروا بجمعها وادخارها {فَذُوقُواْ} اليوم وبال {مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 35] بدل ما تتلذذون بها.