التفاسير

< >
عرض

لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ
٤٤
إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ
٤٥
وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ
٤٦
-التوبة

تفسير الجيلاني

{ لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي: ليس من عادة المؤمنين الاستئذان منك إلى الخروج نحو القتال مطلقاً، بل هم منتظرون دائماً، متهيئون دائماً أسبابهم، مترصدون إلى { أَن يُجَاهِدُواْ } في سبيل الله { بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } وينتهزون الفرصة بالمسابقة حين أمروا، فيكف أن يتأذنوا بالقعود وعدم الخروج، والمعذرون متألمون متحسرون بكون في زاوية الحرمان، محزنون ملهوفون متأسفون؛ لذلك وعد لهم سبحانه من فضله درجة عظيمة { وَٱللَّهُ } المطلع لضمائر عباده { عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } [التوبة: 44] الذين يحفظون نفوسهم من مخالفة أمر الله وأمر رسوله بلا عذرٍ شرعي.
بل: { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ } بالقعود والتخلف { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } وتوحيده { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعدّ لجزاء الأعمال { وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ } لعدم اطمئنانها ورسوخها بالإيمان والتوحيد { فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ } المركوز في جبلتهم { يَتَرَدَّدُونَ } [التوبة: 45] يتحيرون؛ ويتذبذبون لا إلى هؤلاء وإلى هؤلاء.
{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ } وقصدوا الوفاق مع المؤمنين كما أظهروا { لأَعَدُّواْ } وهيأوا { لَهُ عُدَّةً } أهبة وأسباباً { وَلَـٰكِن } لخبث باطنهم وانهماكهم في الضلال { كَرِهَ ٱللَّهُ } المطلع على قساوة قلوبهم { ٱنبِعَاثَهُمْ } أي: اهتزازهم وتحركهم نحو القتال { فَثَبَّطَهُمْ } لذلك وحبسهم، وأقعدهم في مكانهم بإلقاء الرعب والكسل في قلوبهم { وَ } كأنه { قِيلَ } لإسماعهم تضليلاً لهم وتغريراً: { ٱقْعُدُواْ } أيها المنهمكون في الغفلة { مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ } [التوبة: 46] من النساء والصبيان، والمرضى والزمناء.